يُعد مؤتمر الاستثمار الثقافي حدثًا بارزًا في المملكة العربية السعودية، حيث عقدت نسخته الأولى تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، وبتنظيم من وزارة الثقافة. يهدف هذا المؤتمر إلى تحويل الثقافة إلى قطاع استثماري واعد، يدفع عجلة التنمية الاقتصادية ويسهم في بناء اقتصاد متنوع وحديث. من خلال جهود متعددة من الجهات المعنية، تتم تهيئة محركات هذا القطاع لتتوافق مع أهداف رؤية 2030، مما يفتح آفاقًا واسعة أمام المبدعين والمطورين، وأصحاب المشاريع لرواية قصة جديدة عن الثقافة السعودية للعالم.
الاستثمار الثقافي في المملكة العربية السعودية
شارك المنتج السينمائي التونسي البارز طارق بن عمار في جلسة حوارية ضمن المؤتمر بعنوان “تشارك الرؤية ورأس المال”، حيث ناقش الطموحات الحكومية والاستثمارات الخاصة لتشكيل مستقبل السينما. في مقابلة حصرية، أكد رئيس مجلس إدارة شركة إيغل بيكتشرز أن هذه الجلسة كانت تاريخية، إذ ركزت على العلاقة بين الاستثمار الثقافي والاقتصادي في البلاد العربية، مع التأكيد على أن الثقافة تحتاج إلى الاقتصاد لتحقيق تقدمها. وفقًا لقوله، يمثل هذا المسار نقلة تاريخية في السعودية، التي تمتلك إمكانيات هائلة وشبابًا موهوبًا، حيث يسعى هو وشركته لتعزيز التعاون مع المخرجين العرب والسعوديين، خاصة الشباب، من خلال مشاريع الإنتاج والتوزيع. بن عمار أعرب عن أمله في تقديم خبرته لدعمهم، متوقعًا مستقبلًا مشرقًا لهذا القطاع.
أما بخصوص إنشاء شركة لتمويل المشاريع الثقافية، فقد ذكر أن شركته أسست مع صندوق التنمية الثقافي شركة تُدعى Riviera Content، حيث يعود 40% من أرباحها للجهات الحكومية مثل وزارة الثقافة، و60% للقطاع الخاص. هذا التمويل يهدف إلى دعم اقتصاد السينما في السعودية وفي المنطقة العربية بأكملها، من خلال تمويل الإنتاج، ودعم المخرجين والممثلين، وجذب الأفلام الأجنبية. على سبيل المثال، استشهد بتجربته في تونس التي جذبت أفلامًا عالمية مثل “إنديانا جونز” و”ستار وورز”، معتبرًا أن السعودية يمكنها تحقيق الشيء نفسه في المستقبل، بالشراكة مع شركات كبرى مثل سوني وMGM، مما سيجذب المزيد من المخرجين والممثلين العالميين.
تنمية الاقتصاد الثقافي في السعودية
يشير بن عمار إلى تطور كبير في المشهد الثقافي السعودي، خاصة في صناعة السينما، حيث أصبح مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي حدثًا رائدًا، شارك فيه عدة مرات ويتطلع للمشاركة مرة أخرى. يرى أن ما حدث منذ عام 2019، عندما لم تكن هناك سينمات في البلاد، يمثل تحولًا تاريخيًا يبشر بمستقبل زاهٍ. هذا النهوض يدعو الشباب إلى الاستثمار في هذا المجال، مع التركيز على بناء اقتصاد ثقافي قوي يعزز التنوع الاقتصادي. في الختام، يؤكد المؤتمر ككل على أهمية دمج الثقافة مع الاقتصاد لتحقيق الرؤية الشاملة، مما يجعل السعودية وجهة جذب للاستثمارات الثقافية العالمية، ويساهم في تعزيز الهوية الثقافية مع الابتكار الاقتصادي. هذا الاندماج يفتح أبوابًا لمشاريع جديدة، تجمع بين الإبداع المحلي والعالمي، ويضمن نموًا مستدامًا يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة.
تعليقات