تطورات قضية مقتل جمال خاشقجي: كيف انتقلت التحقيقات من تركيا إلى السعودية؟

مقتل جمال خاشقجي

في 2 أكتوبر 2018، دخل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، المقيم في الولايات المتحدة، قنصلية بلاده في إسطنبول، حيث لقي مصرعه في ظروف غامضة أثارها جدلاً دولياً واسعاً. خلال الأشهر التالية، برزت روايات متباينة حول تفاصيل الجريمة، بما في ذلك كيفية وفاته ومصير رفاته، إذ ادعت السعودية أنها كانت “عملية مارقة” نفذها عملاء بدون موافقة رسمية، بينما أكدت تركيا تورطاً من أعلى المستويات في الحكومة السعودية. في 7 أبريل 2022، قرر القضاء التركي إحالتة القضية إلى السلطات السعودية، مما أغلق الملف من جانبهم، وذلك خلال جلسة للمحكمة الجنائية في إسطنبول غياب المتهمين الـ26، بحضور محامين وممثلي الأطراف المعنية، بما في ذلك خطيبة خاشقجي. هذا القرار جاء في سياق تحسن في العلاقات بين السعودية وتركيا.

التطورات في القضية

كان جمال خاشقجي، المولود في 1958، شخصية إعلامية بارزة تنتقد سياسات الحكم السعودي، خاصة بعد تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد، حيث واجه حملات اعتقالات واسعة. كان خاشقجي مقرباً من دوائر الحكم سابقاً، عمل في الصحافة السعودية وتغطية أحداث عالمية، وشغل مناصب مثل نائب رئيس تحرير “أراب نيوز” ومدير تحرير “الوطن”، بالإضافة إلى كونه مستشاراً إعلامياً للأمير تركي الفيصل. في 2017، غادر إلى الولايات المتحدة خوفاً من الملاحقة، وأصبح كاتباً في “واشنطن بوست”، حيث انتقد الإصلاحات المزعومة التي رافقتها انتهاكات لحقوق الإنسان. كتب خاشقجي أعمالاً مثل “علاقات حرجة”، واعتبر خبيراً في الشؤون السعودية.

زيارة خاشقجي للقنصلية كانت للحصول على وثيقة طلاق للزواج من خطيبته التركية خديجة جنكيز، لكنه لم يخرج حياً. شهدت الرواية السعودية تغييراً من إنكار المسؤولية إلى الاعتراف بأن وفاته حدث خلال شجار أدى إلى خنقه، مع إلقاء اللوم على عملاء مارقين، وتمت محاكمتهم محلياً، حيث حكمت محكمة في الرياض بالإعدام على خمسة وبالسجن على آخرين. ومع ذلك، رفضت منظمة هيومن رايتس ووتش هذه المحاكمة لعدم الالتزام بالمعايير الدولية، بينما وصفت مقررة الأمم المتحدة أغنيس كالامار التحقيقات السعودية بأنها غير كافية، مشيرة إلى أدلة على تورط محمد بن سلمان.

من جانبها، اتهمت تركيا 15 سعودياً بالتورط، مدعية أنهم وصلوا إلى إسطنبول للتنفيذ وقاموا بإزالة أدلة، مع وجود تسجيلات صوتية تظهر تفاصيل الجريمة، مثل استخدام مواد مخدرة وتقطيع الجثة. التقرير الأممي في 2019 وصف الحادث بأنه جريمة قتل خارج القانون، مطالبة بتحقيقات أكبر في تورط كبار المسؤولين. ردود الفعل الدولية كانت شديدة، حيث فرضت الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات على المشتبه بهم، وألغت صفقات عسكرية، مع تقارير استخباراتية تؤكد موافقة بن سلمان. رغم ذلك، أعلن أبناء خاشقجي عفواً عن القتلة، مما أثار جدلاً إضافياً حول العدالة في القضية، التي لا تزال تثير أسئلة عن مصير الرفات والهويات الحقيقية للمسؤولين.