في الآونة الأخيرة، شهدت إندونيسيا ارتفاعاً مذهلاً في حالات التسمم الغذائي بين الأطفال، وهو ما يعكس عيوباً خطيرة في برامج التغذية الحكومية. أكثر من 9 آلاف طفل تعرضوا لمخاطر صحية شديدة بعد تناول وجبات مدرسية مجانية، مما أثار مخاوف واسعة حول جودة الأغذية المقدمة في المدارس. هذه الحالات، التي تجاوزت التقديرات السابقة بنحو ثلثيها، تشمل أعراضاً حادة مثل الإسهال والقيء، وأدت في بعض الحالات إلى دخول المستشفيات، مسجلاً بذلك ضربة قاسية لجهود مكافحة سوء التغذية في البلاد.
تسمم الأطفال من الوجبات المدرسية في إندونيسيا
مع تزايد الحوادث، بدأت السلطات في التحرك لاحتواء الأزمة، إذ سجلت وكالة الغذاء والدواء الإندونيسية أكثر من 70 حادثة في مناطق مثل جاوة الغربية وسولاويزي الوسطى. في حادثة واحدة وحدها في 25 سبتمبر، أصيب أكثر من ألف طفل بعد تناول وجبة تضمنت دجاجاً بالصلصة الصويا وتوفو مقلياً مع خضروات. هذا البرنامج، الذي يهدف إلى تعزيز التغذية لملايين الأطفال، انطلق في يناير 2025 بميزانية ضخمة تصل إلى 28 مليار دولار، لكن سرعان ما تحول إلى مصدر قلق بسبب الفشل في ضمان سلامة الوجبات. البرنامج يستهدف تقديم وجبات مجانية لأكثر من 15 مليون طفل حالياً، مع خطط لتوسيعها إلى 20 مليون بحلول أغسطس 2026، لكن الأرقام تظهر أن أكثر من 1,376 حالة تم تسجيلها في الأشهر الستة الأولى، وارتفع العدد إلى أكثر من 5,914 بحلول سبتمبر، ثم تجاوز الـ9 آلاف مؤخراً.
سموم غذائية تؤثر على برنامج التغذية
أدت هذه التطورات إلى ردود فعل حادة، حيث دعت المنظمات غير الحكومية والمشرعون إلى إجراء تحقيق شامل وتعليق البرنامج مؤقتاً لتحسين معايير السلامة. وفقاً لتقارير الوكالات المسؤولة، تم تعليق عمل 56 مطبخاً مدرسياً فورياً، مع حظر استخدام الأطعمة غير المعتمدة صحياً بحلول الشهر القادم. هذا البرنامج، الذي يعد جزءاً من وعود الرئيس برابوو سوبريانتي خلال حملته الانتخابية في 2024، كان يهدف إلى مواجهة معدلات سوء التغذية العالية في إندونيسيا، حيث يعاني نحو 27% من الأطفال من نقص غذائي في هذه الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في جنوب شرق آسيا. ومع ذلك، يبرز هذا الفشل كدليل على الحاجة الملحة لإصلاحات في سلسلة توريد الطعام، بما في ذلك فحوصات أكثر صرامة للمطابخ والمصادر الزراعية، لمنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل. يؤكد الخبراء أن استمرار البرنامج يتطلب توظيف موارد إضافية لمراقبة الجودة، خاصة مع الاعتماد الكبير على وجبات معالجة، التي قد تكون مصدراً للتلوث البكتيري أو الكيميائي. في السياق الواسع، تعكس هذه الأحداث تحديات السياسات العامة في بلدان نامية، حيث يتصادم الطموح لمكافحة الجوع مع تحديات التنفيذ العملي، مما يدفع الآن نحو إعادة تقييم شامل للبرنامج لضمان حماية صحة الأطفال أولاً وقبل كل شيء. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى تغييرات طويلة الأمد في نظم التعليم والصحة، مع التركيز على تثقيف المدارس حول ممارسات التعامل الآمن مع الطعام، وتعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية لتبادل الخبرات والتقنيات. في النهاية، يمثل هذا الحادث فرصة لإصلاحات حقيقية تجعل البرنامج أكثر فعالية، مما يعزز الثقة العامة ويساهم في بناء نظام غذائي أكثر استدامة للأجيال القادمة.
تعليقات