سعي السعودية لـ27 نائباً سنياً وانشقاق في الكتلة الشيعية.. خلفيات تمديد ولاية المجلس النيابي؟

في الآونة الأخيرة، برز دور السعودية بشكل بارز في الشؤون السياسية اللبنانية، حيث قاد الموفد السعودي يزيد بن فرحان سلسلة من اللقاءات مع قيادات ونواب لبنانيين. هذه اللقاءات، التي جرت في جو من الحذر والتكتم، كشفت عن توجهات الرياض نحو دعم الإصلاحات الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى الضغط على نزع سلاح حزب الله. البعض يرى في هذه الجهود محاولة لتعزيز الاستقرار، بينما يعتقد آخرون أنها جزء من استراتيجية أوسع لإعادة تشكيل التوازنات في المنطقة. على الرغم من الأسلوب المباشر الذي يتبعه بن فرحان، إلا أن العديد من المتعاملين معه يفسرونه كتعبير عن اهتمام حقيقي بالأوضاع اللبنانية، رغم الإرباك الذي قد يثيره.

دور السعودية في الشؤون اللبنانية

يعكس زيارة يزيد بن فرحان إلى لبنان التزام الرياض بدعم الرئيس المكلف نواف سلام، مع التركيز على تنفيذ خطط الإصلاحات ومواجهة التحديات الأمنية. خلال لقاءاته مع القيادات السنية والأخرى، شدد بن فرحان على ضرورة رفع سقف الضغوط لتحقيق تقدم في هذه الملفات، حتى لو كان جزئيًا قبل الانتخابات النيابية المقبلة. ومع ذلك، اعترف بأن التحقيق في مثل هذه الأهداف خلال فترة زمنية قصيرة هو أمر معقد، وقد يؤدي إلى تأجيل الانتخابات. هذا النهج يعكس تقييمًا سعوديًا للواقع اللبناني، حيث يُرى أن القوى المحلية، مثل “القوات اللبنانية”، تُكلف بمهمات محددة لعرقلة التقدم أو توجيهه وفق مصالح الرياض.

بالإضافة إلى ذلك، أكد بن فرحان أن السعودية تفضل التعامل مع الدولة اللبنانية ككل، لا مع جهات محددة، مشددًا على علاقتها المستمرة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري كنائب عن المكون الشيعي. هذا التوجه يأتي في سياق رفض الرياض لأي دعوات للحوار مع حزب الله مباشرة، معتبرة أنها تعبر عن ضعف، ويفسرونها كحاجة لتغيير في العلاقات. في الوقت نفسه، يسعى بن فرحان إلى ضمان نتائج انتخابية تتوافق مع أهداف السعودية، مثل الفوز بالمقاعد السنية دون منافسة، وتعزيز دور “القوات اللبنانية” كأكبر كتلة مسيحية، بالإضافة إلى تحقيق اختراقات في الكتل الشيعية.

التدخل السعودي في السياسة اللبنانية

يبدو أن السعودية ترى في الظروف الإقليمية فرصة تاريخية لتعزيز نفوذها في لبنان وسوريا، خاصة مع تغييرات في التوازنات الإقليمية. هذا الاستراتيجية تعتمد على تحالفات مع الولايات المتحدة وفرنسا، حيث يلعب بن فرحان دورًا مؤثرًا في توجيه سياسات هذين الحليفين تجاه لبنان. ومع ذلك، فإن هذه الجهود تواجه تحديات، حيث بدأت مناقشات حول إمكانية تأجيل الانتخابات النيابية، مع دعوات لتمديد ولاية المجلس لمدة عام أو أكثر، للسماح بإكمال الإصلاحات والبقاء على رأس الحكومة. “القوات اللبنانية” تظهر نشاطًا في هذا الصدد، مدعومة من نواب آخرين، لكن هذا يثير مخاوف من تغييرات في النتائج الانتخابية، خاصة مع توقعات بزيادة أصوات الشيعة بنسبة كبيرة.

في ساحة النجمة، شهد مجلس النواب جلسات حادة حول قضية تصويت المغتربين، حيث رفضت قوى مثل حزب الله وأمل هذا الإجراء لأسباب تتعلق بالعدالة والحرية في التصويت. هذا الرفض يعزز من مخاوف السعودية، التي تريد ضمان نتائج تعزز من دور حلفائها، مثل سلام، في الحكومة. مع ذلك، يبقى السؤال حول ما إذا كانت هذه الجهود ستؤدي إلى استقرار أم إلى مزيد من التوترات. في النهاية، يتجه الوضع اللبناني نحو مرحلة حرجة، حيث تتداخل المصالح الإقليمية مع الديناميكيات المحلية، مما قد يؤثر على مستقبل الإصلاحات والعلاقات الدولية في المنطقة. يظل التحدي الأكبر هو كيفية التوفيق بين هذه الضغوط والحاجة إلى حلول ديمقراطية حقيقية، في وقت يشهد فيه لبنان تحولات سريعة.