صحيفة المرصد تنشر فيديو حصريًا: تركي الفيصل يكشف أسباب السماح بالتطوع للجهاد في أفغانستان والخطأ الذي مهد طريق القاعدة

كشف الأمير تركي الفيصل في كتابه “الملف الأفغاني” تفاصيل حول أسباب دعم التطوع للجهاد ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، مع إلقاء الضوء على الجهة المسؤولة عن نشأة تنظيم القاعدة. خلال ظهوره في برنامج تلفزيوني، أوضح أن تأخر نشر الكتاب يرجع إلى غير مناسبة الظروف، خاصة مع مرور أفغانستان بفترات من الاحتلال الأجنبي. بعد مرور أربعة عقود على الغزو السوفيتي، شعر الفيصل أن اللحظة قد حانت لإصدار الكتاب، الذي يسرد أحداث تلك المرحلة التاريخية، معتبرًا أن مقاومة الشعب الأفغاني للاحتلال كانت جهادًا مشروعًا ومحمودًا يستحق التوثيق.

كشف الملف الأفغاني

في الكتاب، يقسم الأمير تركي الفيصل فترة الصراع الأفغاني إلى مرحلتين رئيسيتين: الأولى هي عقد من الجهاد المشرّف ضد الاحتلال السوفيتي، حيث ساهمت المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول في دعم المجاهدين لصد الغزو. أما الثانية، فهي عقد من التداعيات السلبية التي أدت إلى ظهور تنظيمات متطرفة مثل القاعدة، مما أدى إلى تبعات خطيرة على المنطقة. يؤكد الفيصل أن المملكة حرصت، بعد انسحاب السوفيت، على التعاون مع الدول المجاورة لتعزيز الاستقرار في أفغانستان، محاولة منع تصدير السلاح ومراقبة الحدود لإنهاء الحرب الأهلية. ومع ذلك، فشل هذا الجهد في الحصول على دعم كافٍ من الدول المعنية، مما ساهم في تفاقم الوضع. في هذا السياق، يبرز الفيصل أهمية الرد الدولي المنظم، موضحًا كيف أن عدم ضبط الحدود ساهم في انتشار التوترات.

بالنسبة للتطوع، يصف الفيصل كيف أثار الغزو السوفيتي حماسًا كبيرًا بين الشباب في المملكة ودول أخرى، حيث قدمت السلطات تسهيلات لدعمهم في مواجهة القوات الغازية. ومع ذلك، يعتبر أن الخطأ الرئيسي كان عدم المتابعة الدقيقة للمعسكرات التدريبية التي أقيمت في باكستان، لا في أفغانستان نفسها. هذه المعسكرات، التي كانت جزءًا من الجهد الدولي لمواجهة السوفييت، تم استغلالها لاحقًا من قبل جماعات التكفير لترسيخ أفكارها المتطرفة، مما مهد الطريق لنشأة تنظيم القاعدة. يؤكد الفيصل أن هذا التقصير لم يكن مقصودًا، بل نتج عن تركيز أولي على هزيمة الاحتلال فقط، دون النظر إلى الخطر الذي قد ينشأ من الفراغ اللاحق. لذا، يدعو الكتاب إلى دراسة هذه الأحداث كدروس تاريخية لتجنب الأخطاء المستقبلية في التعامل مع الصراعات الدولية.

أسرار الأزمة الأفغانية

يستمر الكتاب في استكشاف كيف أصبحت أفغانستان ساحة للتصدعات الإقليمية والدولية، حيث لعبت الديناميكيات السياسية دورًا كبيرًا في تشكيل نتائج الجهاد. على سبيل المثال، يفصل الفيصل في كيف أن الدعم الذي قدمته المملكة كان جزءًا من جهد عالمي أوسع، لكنه يحمل تحذيرًا من أن عدم التنسيق الدولي يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية. في الفترة التالية لانسحاب السوفيت، حاولت المملكة تعزيز مبادرات للسلام، مثل منع تهريب السلاح عبر الحدود، إلا أن هذه المحاولات واجهت عقبات من دول أخرى لم ترَ فيها أولوية. هذا الواقع أدى إلى استمرار النزاعات الداخلية، مما ساهم في ظهور تنظيمات إرهابية. يشير الفيصل إلى أن نشأة القاعدة لم تكن نتيجة مباشرة للسياسات السعودية، بل نتاج تراكمي لعوامل متعددة، بما في ذلك الاستغلال السياسي للمعسكرات والتطرف الفكري. في النهاية، يدعو الكتاب إلى تعلم دروس هذه التجربة، حيث أن الجهاد الأول كان دفاعيًا مشروعًا، بينما تحولت السنوات اللاحقة إلى سبيل للإفراط والإرهاب. من خلال هذا التحليل، يقدم الفيصل رؤية متوازنة للتاريخ الأفغاني، معلنًا أهمية الوقوف ضد الاستعمار دون إغفال مخاطر الفراغ الذي قد يتبعه، مما يجعل الكتاب مصدرًا قيمًا لفهم السياسة الدولية في الشرق الأوسط والعالم.