إحدى الخطوات الاستراتيجية الرئيسية لدعم نمو القطاع البحري في المملكة العربية السعودية تتمثل في تنفيذ صفقات الاستثمار في أسطول النقل. الشركة الوطنية السعودية للنقل البحري، المعروفة باسم “البحري”، قد خطت خطوة جديدة نحو تعزيز قدرتها التشغيلية من خلال توقيع عقد شراء مع شركة عالمية متخصصة في صناعات البحر. هذا العقد يهدف إلى بناء وتسليم ست ناقلات بضائع سائبة من الجيل المتقدم، مما يعكس التزام الشركة بتطوير بنيتها التحتية لمواكبة الطلب المتزايد على الخدمات البحرية في المنطقة.
توسعة أسطول البحري لتعزيز القدرات البحرية
يتضمن هذا العقد شراء ناقلات بقيمة إجمالية تصل إلى 762 مليون ريال سعودي، أو ما يعادل 203 ملايين دولار أمريكي. تهدف الشركة إلى تمويل هذه التكلفة من خلال مزيج متوازن بين الموارد النقدية الداخلية المتاحة لديها والتسهيلات المصرفية، مما يضمن استدامة المشروع دون إجهاد الميزانية العامة. الناقلات المقترحة هي من نوع “ألتراماكس”، وهي مصممة لتحمل حمولة ساكنة تصل إلى 62.83 ألف طن لكل واحدة، مع تجهيزها برافعات حديثة تعزز من المرونة والكفاءة التشغيلية. هذه الميزات تجعلها مثالية للوصول إلى الموانئ ذات البنية التحتية المحدودة، حيث يمكنها التعامل مع الشحنات في ظروف صعبة وتقليل وقت التوقف.
بالإضافة إلى ذلك، فإن جدول التسليم المخطط يشمل توزيع الناقلات الست على دفعات متتالية خلال الفترة بين عامي 2028 و2029. هذا التوازن في التسليم يسمح للبحري بتكييف عملياتها التجارية بشكل تدريجي، مع أن الأثر المالي الرئيسي سيبدأ في الظهور على القوائم المالية بعد استلام الناقلات وإدراجها في التشغيل التجاري. من المهم أيضًا الإشارة إلى أن الشركة العالمية المسؤولة عن البناء تمتلك روابط تعاونية مع البحري، حيث يمتلك الأخير حصة تبلغ 19.9% من رأس مالها، بالإضافة إلى مصلحة غير مباشرة لأحد أعضاء مجلس الإدارة.
تعزيز القدرات في قطاع النقل البحري
يُعد هذا الاتفاق جزءًا من جهود البحري الشاملة لتحسين الكفاءة العملياتية ودعم الاقتصاد الوطني من خلال زيادة القدرة على نقل البضائع بشكل أسرع وأكثر أمانًا. الناقلات الجديدة ستساهم في تعزيز القدرة التنافسية للشركة في سوق النقل البحري الدولي، حيث تركز على تقليل التكاليف التشغيلية وتقليل البصمة البيئية من خلال تقنيات متطورة تتضمن الكفاءة الطاقية. على سبيل المثال، تصميم “ألتراماكس” يسمح بتقليل استهلاك الوقود بنسبة كبيرة مقارنة بالأجيال السابقة، مما يدعم الالتزام بالمبادئ المستدامة في صناعة الشحن.
في السياق الأوسع، يعكس هذا الاستثمار التزام الحكومة السعودية بتحويل القطاع البحري إلى محور رئيسي في التنويع الاقتصادي، خاصة مع زيادة حجم التجارة البحرية في المنطقة. الشركة البحري، كواحدة من الركائز الرئيسية، تسعى للوصول إلى مستويات أعلى من الكفاءة لدعم مشاريع مثل توسع موانئ الملك عبدالعزيز وغيرها. هذا التوسع لن يقتصر على زيادة حجم الأسطول فحسب، بل سيشمل تدريب الطاقم وتطوير التقنيات الرقمية لتحسين إدارة الشحنات، مما يضمن أداءً أفضل في ظل التحديات العالمية مثل تقلبات أسعار الطاقة والتغيرات المناخية.
بشكل عام، يمثل هذا العقد خطوة حاسمة نحو تعزيز دور البحري في سلسلة التوريد العالمية، حيث يتيح للشركة الاستجابة للطلب المتزايد على نقل المواد الخام والسلع الاستهلاكية. مع استمرار التنفيذ، من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى زيادة الإيرادات وتعزيز المكانة الإقليمية، مع الالتزام بأعلى معايير السلامة والابتكار في قطاع النقل البحري. هذا النهج الشامل يعكس رؤية مستقبلية للشركة، حيث تركز على الاستثمار في الأصول لضمان استدامة النمو على المدى الطويل.
تعليقات