تكلفة ضخمة تصل إلى 22 مليار دولار: نظرة شاملة على نظام مترو الرياض في السعودية

غالباً ما يُعتبر ركوب وسائل النقل العام، مثل المترو، مجرد طريقة عملية للوصول إلى وجهات يومية في المدن الكبرى. ومع ذلك، فإن مترو الرياض في المملكة العربية السعودية يغير هذه النظرة تماماً، حيث يحول الرحلة ذاتها إلى تجربة فنية وثقافية مميزة. أُطلق هذا النظام المتطور في ديسمبر 2024، وهو يمتد على طول أكثر من 176 كيلومتراً عبر ستة خطوط رئيسية، مما يجعله أطول شبكة قطارات آلية بدون سائق في العالم. يربط المترو بين المعالم الرئيسية في العاصمة السعودية، بما في ذلك مطار الملك خالد الدولي ومركز الملك عبدالله المالي، ويستوعب يومياً عشرات الآلاف من الركاب، مع قدرة تصل إلى 3.6 مليون راكب.

مترو الرياض: نظام نقل حديث

يُعد مترو الرياض مشروعاً ضخماً بني بتكلفة 22.5 مليار دولار، ويشمل 85 محطة متنوعة تجمع بين التصميمات المعمارية الراقية والوظيفة العملية. من بين هذه المحطات، تبرز محطة قصر الحكم في قلب الرياض التاريخي، التي صممتها شركة Snøhetta النرويجية بالتعاون مع ONEWORKS + CREW، وتم افتتاحها في فبراير 2025. تمتد المحطة على مساحة 22,500 متر مربع وتنحدر تحت الأرض إلى عمق 40 متر، مما يجعلها معلم سياحي بحد ذاتها. يعكس تصميمها الانسيابي، الذي يدمج بين الفولاذ المقاوم للصدأ والعناصر التاريخية، مزيجاً فريداً من التراث والتكنولوجيا الحديثة. داخلها، يجد الزوار متاجر، عروض فنية، وحتى حدائق داخلية مريحة، مما يجعل الانتظار جزءاً من المتعة. كما أنها ترتبط بمعالم أساسية مثل جامع الإمام تركي بن عبدالله وقصر المصمك، وتشجع الزوار على التمتع بالمكان كوجهة سياحية.

أما محطة المركز المالي (كافد)، التي صممتها الشركة العالمية للمعمارية زها حديد، فهي الأكثر ازدحاماً وتُعد نقطة تبادل رئيسية تربط ثلاثة خطوط، بالإضافة إلى محطة حافلات وأعمال فنية مثل تمثال ألكسندر كالدر. محطة STC، المستوحاة من جبال طويق، والمحطة الغربية، التي صممتها شركة سعودية محلية، تضيفان لمسات ثقافية وجمالية، مع التركيز على الاستدامة من خلال الطاقة الشمسية والقطارات الموفرة للطاقة. تشمل القطارات ثلاث فئات: عربة الأفراد للرجال، عربة العائلات للنساء والعائلات، والدرجة الأولى للحاملين بطاقات VIP، مع ديكور داخلي نظيف مستوحى من العمارة التقليدية.

تجربة النقل في العاصمة السعودية

يتميز مترو الرياض بكفاءته العالية، حيث يدور القطارات كل أربع دقائق خلال ساعات الذروة، ويعمل من الساعة 5:30 صباحاً حتى منتصف الليل. يمكن للمستخدمين شراء بطاقة “درب” من خلال الآلات الآلية أو التطبيق، مع أسعار تبدأ من 5 ريالات لرحلة مدتها ساعتين، وتصل إلى 140 ريالاً للاشتراك الشهري. تجربة الركوب مريحة نسبياً، مع مقاعد مستوحاة من التراث المحلي، على الرغم من أن الازدحام قد يتطلب الوقوف في بعض الأوقات. يساهم المترو في ربط الناس من خلفيات مختلفة، حيث يشجع على التواصل الاجتماعي في بيئة هادئة ونظيفة، مع منع تناول الطعام والشراب. حتى الآن، نقل المترو أكثر من 100 مليون راكب، مما يعكس نجاحه في تسهيل الحياة اليومية ودعم التوسع المستقبلي، مثل إضافة خط سابع يصل إلى مدينة القدية وحدائق الملك عبدالله. هذا النظام لم يغير فقط طريقة التنقل في الرياض، بل جعلها رمزاً للتقدم والاندماج بين الثقافة والتكنولوجيا الحديثة.