تستعد مدينة العُلا، الواقعة في شمال غربي المملكة العربية السعودية، لاستقبال إحدى أبرز المشاريع الثقافية الدولية، حيث يفتح مشروع “فيلا الحِجر” أبوابه لأول مرة. هذا المشروع، الذي يجسد شراكة فرنسية-سعودية مميزة، يهدف إلى تعزيز التبادل الفني والإبداعي بين البلدين، من خلال موقعه الاستراتيجي في قلب الواحة التاريخية. المبنى، المستوحى من ألوان صخور العُلا ومحاط بأشجار النخيل، يمثل نقطة تحول في الساحة الثقافية، حيث سيشهد حفل افتتاح رسمي حضره وفود سامية من الرياض وباريس، بما في ذلك وزراء الثقافة والخارجية من كلا الجانبين، إلى جانب شخصيات بارزة مثل جان-إيف لودريان، رئيس الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا.
فيلا الحِجر: جسور الثقافة بين السعودية وفرنسا
يُعد افتتاح “فيلا الحِجر” خطوة تاريخية في تعزيز الروابط الثقافية بين المملكة العربية السعودية وفرنسا، حيث يُقدم هذا الصرح نموذجًا فريدًا للتعاون الدولي. الصرح، الذي يحمل اسم موقع “الحِجر” الأثري المعروف بمدائن صالح، يُذكر كأول موقع سعودي مسجل على قائمة التراث العالمي لليونسكو، مما يعزز من أهميته التاريخية والثقافية. وفقًا لوصف جان-إيف لودريان، فإن هذا المشروع يمثل “بوتقة للإبداع الفرنسي والسعودي”، حيث يرمز إلى خطوة غير مسبوقة باستضافة المملكة لمؤسسة ثقافية مشتركة مع دولة أجنبية. سيتيح المركز للفنانين والمبدعين من كلا البلدين فرص الإقامة والتدريب، من خلال ورش عمل ثقافية، معارض فنية، وعروض إبداعية متنوعة. كما ستبدأ أنشطته الأولى بعروض لجماعة “كوزموس” بقيادة الفنان جان-ميشل أوتونييل، بالإضافة إلى معرض حول منحوتات أوغوست رودان وعروض راقصة للفنان رشيد أورامدان، مما يعكس التنوع الإبداعي الذي يسعى إلى جذب الجمهور المحلي والدولي.
الصرح الثقافي الجديد: نموذج للتعاون الدولي
يعزز افتتاح “فيلا الحِجر” مكانة العُلا كوجهة ثقافية وسياحية عالمية، حيث ينضم هذا المشروع إلى شبكة “الفيلات الثقافية” الفرنسية التي تشمل مواقع مثل فيلا ميديتشي في روما، وكوجوياما في اليابان، وكازا فيلاسكيث في مدريد. هذا الاندماج يعكس الالتزام ببناء جسور ثقافية عابرة للحدود، مستوحى من الشراكة الفرنسية-السعودية التي بدأت عام 2018 باتفاق بين الرئيس إيمانويل ماكرون وولي العهد الأمير محمد بن سلمان. الاتفاقية ركزت على تطوير السياحة والثقافة في العُلا، مع مشاركة علماء آثار فرنسيين في استكشاف التراث النبطي الغني بالمنطقة. كما من المخطط للتعاون مع مركز بومبيدو الفرنسي لإنشاء متحف للفن المعاصر، مخصص للفنانين العرب، مما سيثري المشهد الثقافي في المنطقة. هذا الصرح لن يقتصر على البرامج الفنية فحسب، بل سيساهم في تعزيز السياحة المستدامة، حيث يجمع بين التراث التاريخي والإبداع الحديث. من خلال هذه المبادرات، يصبح “فيلا الحِجر” محفزًا للحوار الثقافي، مما يساعد في تعريف العالم بثراء التراث السعودي ودوره في بناء مستقبل مشترك مع فرنسا. بالإضافة إلى ذلك، فإن التنوع في البرامج الثقافية، مثل الورش والمعارض، سيعزز من جاذبية العُلا كمركز إقليمي للتبادل الفكري، مما يدعم الاقتصاد المحلي من خلال جذب الزوار والمستثمرين. في نهاية المطاف، يمثل هذا المشروع دليلاً على كيفية أن تصبح الثقافة قوة محركة للتغيير الإيجابي، مما يعزز السلام والتفاهم بين الشعوب.
تعليقات