لماذا يتضاعف عجز ميزانية السعودية لعام 2025؟!

في السياق الاقتصادي المتقلب، تشهد المملكة العربية السعودية تعديلات كبيرة في توقعاتها المالية للعام 2025، حيث يتوقع ارتفاع العجز في الميزانية بشكل كبير مقارنة بالتقديرات الأولية. هذا التغيير يعكس الضغوط الخارجية والداخلية التي تواجه الاقتصاد السعودي، مما يؤثر على الإيرادات والإنفاق، ويفتح الباب لمناقشة تأثيراته على السياسة المالية العامة.

عجز ميزانية السعودية لعام 2025: الأسباب والتغييرات

مع ارتفاع تقديرات العجز إلى 245 مليار ريال، أو ما يعادل 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي، يبرز هذا الرقم كأكبر عجز منذ 2018، مع استثناء فترة جائحة كورونا. هذا التحول جاء بعد مراجعة البيانات المالية للربع الثاني من العام الجاري، حيث بلغ العجز خلال النصف الأول 93.2 مليار ريال، مما يقترب من التقدير الكامل للعام. يعود هذا الارتفاع إلى تراجع الإيرادات النفطية بسبب هبوط أسعار الخام، الذي أثر على الصادرات بنسبة تصل إلى 21.8% في بعض الشهور، وفق البيانات الرسمية. في المقابل، ارتفع الإنفاق بفعل التزام الحكومة ببرامج التنمية ضمن رؤية 2030، حيث زاد الإنفاق الفعلي بنسبة ملحوظة لدعم المشاريع الاستراتيجية، رغم الضغوط على الإيرادات. هذا التوازن بين الإيرادات المنخفضة والإنفاق المرتفع يشكل تحدياً للتوجيهات الاقتصادية، مع الأخذ في الاعتبار التغيرات الجيوسياسية التي تضغط على أسعار النفط، مثل قرارات تحالف “أوبك+” وتأثيرات السياسات الدولية. على سبيل المثال، شهدت الصادرات النفطية تراجعاً سنوياً يصل إلى 12% في النصف الأول، مما يعزز الحاجة إلى إعادة تقييم السياسات المالية لضمان الاستدامة.

أسباب نمو الفجوة المالية في السعودية

يعود انخفاض الإيرادات المتوقعة بشكل أساسي إلى التقلبات في سوق النفط، حيث أدت تخفيضات الإنتاج وانخفاض أسعار البرميل تحت مستويات الـ60 دولاراً إلى ضغط على الإيرادات غير النفطية أيضاً، رغم أدائها القوي في بعض الأشهر. وفق التقديرات، من المحتمل أن يصل العجز في النصف الثاني من العام إلى 161 مليار ريال، مما يعكس تكرار الضغوط الخارجية الناتجة عن العوامل السياسية والاقتصادية العالمية، مثل التوترات التجارية. من جهة أخرى، زيادة النفقات تأتي كرد فعل استراتيجي لتعزيز النمو الاقتصادي، حيث يرى مسؤولو المالية أن الإنفاق على المشاريع يولد عائداً يفوق تكلفة الاقتراض. على سبيل المثال، أكدت التصريحات الرسمية أن الحكومة ستستمر في دعم البرامج التحويلية، مما يعني زيادة الإنفاق بنحو 51 مليار ريال فوق المتوقع. هذا النهج يعكس توازناً بين الحاجة إلى الاستثمار في النمو المستدام والتحديات المالية، مع الاعتماد على أدوات التمويل المختلفة لتغطية الفجوة. في النهاية، يتطلب هذا التغيير استراتيجية شاملة لإدارة الاقتصاد الكلي، حيث تبرز أهمية تنويع الإيرادات وضمان أن العائد الاقتصادي يتجاوز التكاليف المرتبطة بالديون، مما يدعم الجهود نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 بشكل أكثر فعالية. بشكل عام، يمثل هذا الارتفاع في العجز فرصة لتعزيز السياسات المالية وتحسين القدرة على مواجهة التحديات المستقبلية، مع التركيز على تحقيق نمو مستدام يعزز دور السعودية في الاقتصاد العالمي.