دعا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى تعزيز جهود بناء أفق سياسي شامل لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، مع التركيز على حل الدولتين كأساس للعدالة والاستقرار. في كلمته أمام اجتماع قادة مؤتمر ميونخ للأمن الذي عقد في مدينة العلا السعودية، أبرز عبد العاطي أهمية تحقيق سلام دائم يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة. هذا الاجتماع، الذي جمع نحو 100 شخصية دولية بارزة، تناول قضايا إقليمية حيوية مثل التطورات في غزة، الأمن الغذائي، والتحديات المناخية، ويعد فرصة للتباحث حول سبل تحقيق توازن في عالم متعدد الأقطاب.
السلام في الشرق الأوسط: دعوة لأفق سياسي جديد
في خطابه، رحب عبد العاطي بجهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء النزاع في غزة، حيث أكد ترامب أخيراً على خطة تشمل الإفراج عن الأسرى خلال 72 ساعة، وقف إطلاق النار، ونزع سلاح حركة حماس، مع دعم من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ومع ذلك، شدد الوزير المصري على ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة فوراً، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، مع الرفض القاطع لأي محاولات لضم الضفة الغربية أو فصلها عن غزة، كما حذر من مخاطر التهجير القسري للفلسطينيين. هذه المطالب تأتي في ظل الكارثة الإنسانية الواضحة في غزة، حيث يعاني السكان من المجاعة والأزمات اليومية، مما يستدعي تدخلاً دولياً فاعلاً لفرض الضغط على إسرائيل.
بالإضافة إلى ذلك، أكد عبد العاطي على أهمية تشكيل حكم احترافي وغير فصائلي في غزة، مستنداً إلى قرارات القمة العربية في القاهرة قبل أشهر، التي أقرت تشكيل لجنة إدارية فلسطينية مؤقتة لإدارة المنطقة حتى عودة السلطة الفلسطينية الكاملة. كشف أيضاً عن دور مصر في تدريب قوات أمنية فلسطينية بالتنسيق مع الأردن، لتعزيز السيطرة الأمنية في غزة، مما يساهم في سد الفراغات الناتجة عن الصراع المستمر. هذه الجهود تُمثل خطوة أساسية نحو استعادة الاستقرار، وتعكس التزام مصر بتعزيز الجهود الإقليمية للتصدي للتحديات.
البحث عن الاستقرار الإقليمي في مواجهة التحديات
علاوة على القضايا الفلسطينية، تناول عبد العاطي التطورات في سوريا، حيث رفض مصر بشدة أي إجراءات قد تهدد أمن واستقرار الشعب السوري، خاصة الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للسيادة السورية. منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، شهدت سوريا هجمات إسرائيلية متعددة أدت إلى توسيع رقعة الاحتلال في الجنوب، رغم عدم وجود أي تهديد مباشر من الإدارة السورية الجديدة. هذا الوضع يثير مخاوف بشأن اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، التي انهارت مع استمرار الاحتلال لمعظم هضبة الجولان منذ عام 1967. في هذا السياق، دعا عبد العاطي المجتمع الدولي إلى الالتزام باحترام وحدة الأراضي السورية وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات، لتجنب تصعيد التوترات الإقليمية.
يبرز هذا الاجتماع دور مصر كقوة إقليمية رائدة في السعي للسلام، حيث يتطلب الوضع الحالي في الشرق الأوسط تعاوناً دولياً مكثفاً لمواجهة التحديات المتعددة. من خلال حل الدولتين، يمكن تحقيق توازن يضمن حقوق الشعوب ويمنع اندلاع الصراعات المستقبلية، مع التركيز على قضايا مثل الأمن الغذائي والطاقة، التي تؤثر على المنطقة بأكملها. إن سعي مصر لدفع عجلة التفاوض يعكس رؤية شاملة للشرق الأوسط كمنطقة آمنة ومزدهرة، حيث يلتقي السلام بالعدالة الاقتصادية والاجتماعية. هذه الجهود ليست محصورة بالقضايا الفلسطينية أو السورية، بل تمتد إلى دعم الاستدامة البيئية والطاقة النظيفة، لتشكيل مستقبل أفضل يعتمد على التعاون الدولي.
تعليقات