كيف غيّر الملك سلمان مخطط دوكسيادوس لتطوير الرياض؟.. باحث تاريخي يفسر في فيديو حصري!

كشف الباحث في التاريخ الاجتماعي منصور العساف تفاصيل مهمة حول مخطط المهندس المعماري اليوناني كونستانتين دوكسيادوس لتطوير مدينة الرياض، حيث أشار إلى أن هذا المخطط لم يكن خاليًا من العيوب. وفقًا لتحليله، كان دوكسيادوس قد غفل عن بعض الجوانب الرئيسية، مثل تقديرات الهجرة والتغيرات الديموغرافية، مما أدى إلى عدم توافق المخطط مع الواقع المتسارع للتوسع العمراني في الرياض. هذا الاكتشاف يبرز أهمية المرونة في التخطيط الحضري، خاصة في بيئات متطورة سريعة مثل المملكة العربية السعودية، حيث شهدت الرياض نموًا هائلًا خلال العقود الماضية.

أخطاء مخطط الرياض

في سياق مناقشته لهذه المسائل، أكد العساف أن دوكسيادوس ارتكب سوء تقدير في جوانب حاسمة، مثل توقعاته لعدد السكان وآفاق التوسع الأفقي للمدينة. على سبيل المثال، لم يأخذ المخطط بعين الاعتبار الزيادة السريعة في الهجرة الداخلية والخارجية، والتي أدت إلى ضغوط كبيرة على البنية التحتية. هذا السوء في التقدير جعل المخطط غير فعال في مواجهة التحديات الفعلية، مما أثر على كفاءة التطوير العمراني. ومع ذلك، كان هناك تدخل حاسم من قبل الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي كان آنذاك أمير الرياض في عام 1982، حيث لاحظ أن المدينة تتجاوز التوقعات الأولية وتتجه نحو نمو أكبر. هذا التدخل أدى إلى إجراء تعديلات شاملة، مما ضمن أن يصبح المخطط أكثر واقعية وتماشيًا مع الاحتياجات المستقبلية.

بالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ هذه التعديلات تحت إشراف الهيئة الملكية، التي ركزت على تصحيح التقديرات الخاطئة لعدد السكان ونمط التوسع. هذا النهج لم يكن مجرد تصحيح فني، بل كان خطوة استراتيجية لضمان استدامة التنمية في الرياض. على مدار السنوات القليلة التالية، بدأت الطفرة الاقتصادية في الظهور، خاصة مع انطلاق الصندوق العقاري، الذي ساهم في تعزيز مشاريع البناء والتوسع. هذه التغييرات لعبت دورًا كبيرًا في تحويل الرياض من مدينة ناشئة إلى عاصمة حديثة، قادرة على استيعاب الملايين من السكان.

تعديل تصميم الرياض

من الواضح أن رؤية الملك سلمان كانت مدروسة وصائبة، حيث اختلفت تقديرات دوكسيادوس بشكل كبير عن الواقع الفعلي. على سبيل المثال، كانت توقعات دوكسيادوس للتوسع الأفقي محدودة، بينما أدرك الملك أن الرياض ستواجه زيادة كبيرة في السكان والأنشطة الاقتصادية. هذا الاختلاف يعكس أهمية دمج العناصر الاجتماعية والاقتصادية في أي مخطط عمراني، خاصة في دولة مثل السعودية التي تشهد تحولات سريعة. التعديلات التي أدخلتها الهيئة الملكية لم تكن محدودة بالتغييرات الفنية فحسب، بل شملت أيضًا تحسين الجوانب البيئية والاجتماعية، مثل تخطيط المناطق السكنية لتكون أكثر كفاءة في استيعاب الزيادة السكانية.

في السنوات التالية، أدى هذا التعديل إلى نتائج إيجابية ملحوظة، حيث شهدت الرياض نموًا اقتصاديًا هائلًا بدءًا من منتصف الثمانينيات. على وجه الخصوص، ساهم الصندوق العقاري في تمويل مشاريع كبيرة، مثل بناء الطرق والمباني العامة، مما ساعد في دفع عجلة التنمية. هذا التقدم يؤكد أن التعديلات لم تكن مجرد رد فعل للأخطاء السابقة، بل كانت خطوة تنبؤية لبناء مستقبل مستدام. من خلال هذه الجهود، تمكن الملك سلمان من تحويل مخطط دوكسيادوس من نموذج نظري إلى خطة عملية تناسب الواقع السعودي.

باختصار، يبرز هذا الموضوع أهمية مراجعة وتعديل الخطط العمرانية بانتظام، خاصة مع تغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية. في حالة الرياض، أدى التدخل الملكي إلى تعزيز القدرة على التعامل مع التحديات، مما جعلها نموذجًا للتنمية الحضرية الناجحة. هذه القصة ليست مجرد تاريخ، بل درس قيم في كيفية دمج الرؤية الاستراتيجية مع الواقع العملي لتحقيق التقدم. قد يشمل ذلك دراسة المخاطر المستقبلية، مثل التغيرات البيئية أو الزيادة في الطلب على الخدمات، لضمان أن مثل هذه المخططات تظل فعالة على المدى الطويل.