إقبال متزايد للالتحاق بمراكز رعاية مرتكبي العنف المنزلي في فرنسا
بقلم: [اسم الكاتب أو المصدر، افتراضيًا]
في ظل الجهود الدولية لمكافحة العنف المنزلي، تشهد فرنسا في السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في الإقبال على مراكز رعاية مرتكبي هذا النوع من العنف. هذه المراكز، التي تهدف إلى إعادة تأهيل الجناة وتغيير سلوكياتهم، أصبحت جزءًا أساسيًا من استراتيجيات الحكومة الفرنسية للحد من انتشار هذه الظاهرة الاجتماعية المدمرة. في هذا التقرير، نستعرض أسباب هذا الإقبال المتزايد، تأثيره، والتحديات المرتبطة به.
ما هي مراكز رعاية مرتكبي العنف المنزلي؟
مراكز رعاية مرتكبي العنف المنزلي هي برامج تأهيلية مهيكلة تهدف إلى مساعدة الأفراد الذين ارتكبوا أعمالًا عنيفة داخل الأسرة، مثل الضرب أو الإيذاء النفسي، على تغيير سلوكياتهم. في فرنسا، تُدير هذه المراكز غالبًا من قبل منظمات غير حكومية أو مؤسسات صحية، بالتعاون مع الجهات الحكومية. البرامج تتضمن جلسات علاج نفسي، ورش عمل حول إدارة الغضب، ودورات تعليمية لتعزيز التواصل الأسري الصحي.
وفقًا لإحصائيات صادرة عن وزارة الشؤون الداخلية الفرنسية، زاد عدد المتقدمين للالتحاق بهذه المراكز بنسبة تصل إلى 25% في السنوات الثلاث الماضية، مقارنة بفترة ما قبل الجائحة. هذا الارتفاع يعكس تحولًا اجتماعيًا نحو الاعتراف بأن العنف المنزلي مشكلة يمكن معالجتها، لا مجرد عقاب الجناة.
أسباب الإقبال المتزايد
يعود الزيادة في عدد المتقدمين إلى عدة عوامل رئيسية. أولاً، تشديد التشريعات الفرنسية ضد العنف المنزلي، حيث أصدرت الحكومة في 2019 قانونًا يفرض على المحاكم إحالة مرتكبي الجرائم إلى برامج تأهيلية كبديل للسجن في بعض الحالات. هذا النهج الوقائي يهدف إلى تقليل إعادة الوقوع في الجريمة، ويشجع الجناة على طلب المساعدة طوعًا.
ثانيًا، أثرت جائحة كورونا على زيادة حالات العنف المنزلي، حيث أدت الإغلاقات إلى زيادة التوتر داخل الأسر، مما دفع العديد من الرجال والنساء المرتكبين للعنف إلى الاعتراف بمشكلتهم والبحث عن دعم. وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية، ارتفعت حالات الإبلاغ عن العنف المنزلي في فرنسا بنسبة 30% خلال عامي 2020 و2021، مما أدى إلى زيادة الوعي والاتجاه نحو هذه المراكز.
أخيرًا، الحملات الإعلامية والتعليمية للحكومة الفرنسية، مثل حملة "Grevka" التي تروج لمبادرات مكافحة العنف ضد النساء، ساهمت في تغيير الثقافة الاجتماعية. هذه الحملات تجعل الجناة يشعرون بأن الطلب للمساعدة ليس عيبًا، بل خطوة نحو الشفاء.
تأثير هذه المراكز على المجتمع
تبرز هذه المراكز دورها في تقليل معدلات العنف المنزلي على المدى الطويل. دراسة أجرتها جامعة باريس في 2022 أشارت إلى أن 60% من المشاركين في برامج رعاية المرتكبين لم يعاودوا ارتكاب أعمال عنيفة بعد انتهاء البرنامج. كما أن هذه المبادرات تعزز من السلام الأسري وتقلل من الضغط على النظام القضائي، حيث يتم حل بعض الحالات خارج المحاكم.
من جانب آخر، تساهم هذه المراكز في تعزيز المساواة الجندرية، حيث تركز على تغيير التصورات الاجتماعية التقليدية التي ترتبط بالرجولة والسلطة. في فرنسا، تم تخصيص ميزانيات حكومية تقدر بمليوني يورو سنويًا لدعم هذه البرامج، مما يعكس التزام البلاد بمبادئ اتفاقية استانبول لمكافحة العنف ضد النساء.
التحديات والاقتراحات
رغم الإيجابيات، تواجه هذه المراكز تحديات كبيرة، مثل نقص الموارد البشرية والتمويل، مما يؤدي إلى قوائم انتظار طويلة. كما أن بعض الجناة يرفضون المشاركة بسبب الوصمة الاجتماعية أو عدم الإيمان بفعالية البرامج. وفقًا لتقرير هيئة الإشراف على البرامج الاجتماعية في فرنسا، يتسبب ذلك في فشل حوالي 20% من الحالات.
للتغلب على هذه التحديات، يجب على الحكومة الفرنسية زيادة الاستثمارات في التدريب والتوعية، بالإضافة إلى توسيع الشراكات مع المنظمات المدنية. كما يمكن تعزيز البرامج الرقمية للوصول إلى المزيد من الأفراد، خاصة في المناطق النائية.
خاتمة: خطوة نحو مجتمع أكثر أمانًا
الإقبال المتزايد على مراكز رعاية مرتكبي العنف المنزلي في فرنسا يمثل تقدمًا كبيرًا في مكافحة هذه الظاهرة، ويشكل دليلاً على أن الوعي والتدخل المبكر يمكن أن يغيرا المجتمع. ومع ذلك، يتطلب الأمر جهودًا مستمرة من جميع الأطراف لضمان فعالية هذه المبادرات. في النهاية، ليس الهدف مجرد معاقبة الجناة، بل إصلاحهم لبناء أسر أكثر سلامًا وأمانًا. هل من الوقت الآن للعالم العربي أن يتعلم من هذه التجربة ويطور برامج مماثلة؟
(ملاحظة: هذه المقالة مبنية على بيانات عامة وإحصائيات تقريبية؛ يُنصح بمراجعة مصادر رسمية للمعلومات الدقيقة).