أعلنت المؤسسة العامة للتقاعد في المملكة العربية السعودية عن تحديثات هامة على برنامج التقاعد المبكر، الذي يشمل كل من الموظفين المدنيين والعسكريين. هذه التغييرات تأتي ضمن جهود شاملة لتعزيز الاستدامة المالية للأنظمة التقاعدية، مع التركيز على تعزيز كفاءة الصرف العام وتلبية متطلبات التوازن الاقتصادي في ظل رؤية المملكة 2030.
تعديلات نظام التقاعد المبكر
ستدخل هذه التعديلات حيز التنفيذ ابتداءً من العام الهجري 1447هـ، حيث تركز على تحديث شروط الاستحقاق وآلية حساب الراتب التقاعدي لضمان عدالة أكبر واستدامة طويلة الأمد. من المتوقع أن تقلل هذه الإصلاحات من حالات التقاعد المبكر غير الضرورية، مما يساعد في الحفاظ على الكفاءات المهنية في سوق العمل.
شروط الاستحقاق الجديدة للتقاعد
في الشروط الجديدة، يتم فرض قيود أكثر صرامة للمدنيين، حيث يجب على الموظف إكمال 25 عاماً من الخدمة الفعلية على الأقل، مع استثناء فترات الإجازة دون راتب أو الغياب غير المبرر، بالإضافة إلى الحصول على موافقة الجهة الحكومية المعنية. أما بالنسبة للعسكريين، فالشرط الأساسي هو إكمال 20 عاماً من الخدمة العسكرية الحقيقية، مع التأكيد على عدم وجود سجل تأديبي سلبي أو تقاعد لأسباب صحية غير معتمدة طبياً. في كلا الحالتين، لن يسمح بالتقاعد المبكر إلا إذا تجاوزت مدة الخدمة 20 عاماً، مع الاستثناءات الخاصة المحددة في اللائحة التنفيذية، مثل حالات الوفاة أو العجز التام.
هذه التعديلات تستند إلى دراسات اكتوارية دقيقة تهدف إلى ضبط النفقات التقاعدية وضمان استمرار توزيع الرواتب دون مشكلات مستقبلية. وفقاً للنظام الجديد، سيتم احتساب الراتب التقاعدي باستخدام الصيغة التالية: (آخر راتب أساسي × عدد سنوات الخدمة ÷ 40). هذا النهج يربط الراتب مباشرة بسنوات الخدمة الفعلية والراتب الأساسي الأخير، مع إلغاء الآليات القديمة التي كانت تمنح نسباً عالية في حالات الخدمة القصيرة. كما سيتم استبعاد بعض البدلات والعلاوات من الحساب، مما يمثل تحولاً كبيراً نحو نظام أكثر بساطة وكفاءة مالية.
من جانب آخر، تسعى المؤسسة لتقليص الضغط على الموارد من خلال تشجيع البقاء في سوق العمل لفترات أطول، خاصة مع الإصلاحات التي تستهدف تحسين جودة الخدمة والحفاظ على الخبرات المهنية. التطبيق سيشمل الموظفين الجدد والأفراد الذين يتقاعدون بعد بداية العام 1447هـ، بينما سيستمر النظام القديم على الحالات السابقة لضمان مبدأ عدم الرجعية. بالإضافة إلى ذلك، بدأت المؤسسة حملات توعوية واسعة عبر المنصات الإلكترونية والإعلامية لشرح التفاصيل، مع تقديم أدوات حاسبة إلكترونية تساعد الموظفين في تقدير مستحقاتهم المستقبلية.
رغم ذلك، لاقت هذه التعديلات استحساناً من قبل الخبراء في مجال الموارد البشرية، الذين يرونها خطوة ضرورية لتطوير نظام تقاعد يتوافق مع المعايير العالمية. من جانبهم، عبر بعض الموظفين عن مخاوفهم بشأن تأثير هذه الحسابات الجديدة على قيمة الراتب التقاعدي، مما دفع المؤسسة إلى النظر في خيارات تحفيزية بديلة، مثل برامج التأمين والتسهيلات المالية لتسهيل الانتقال إلى مرحلة التقاعد. بهذه الطريقة، تهدف الإصلاحات إلى موازنة بين الحاجات المالية للدولة وحقوق المتقاعدين، مما يعزز من استقرار الاقتصاد العام.