أكد رئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أن الصناعة العراقية قد حققت تقدمًا كبيرًا نحو الاكتفاء الذاتي في إنتاج سلع ومنتجات أساسية، مما يعكس تحولًا اقتصاديًا ملحوظًا. خلال احتفال اتحاد الصناعات العراقي بيوم الصناعة الوطنية، أبرز السوداني جهود الحكومة في دعم القطاع الخاص، مع وضع ضمانات سيادية للمشاريع ضمن قانون الموازنة لأول مرة. هذا التقدم يأتي كتتويج لاستراتيجيات تهدف إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز الإنتاج المحلي، مع التركيز على قطاعات مثل الغذاء والدوائيات التي شهدت نموًا سريعًا. كما أن الأمر يشمل إطلاق منصة رقمية لرمز QR الوطني، الذي يحمي هوية المنتجات العراقية ويسهل تصديرها عالميًا، مما يدعم الرقمنة وينشط الاقتصاد.
الصناعة العراقية تدخل مساحة الاكتفاء الذاتي
في كلمته أمام الحاضرين في الحفل، شدد رئيس الوزراء على أن يوم الصناعة الوطنية يمثل ذروة الجهود المبذولة لتحقيق تغيير نوعي في الاقتصاد العراقي. أشار إلى خطة التنمية الوطنية للفترة 2024-2028، التي تركز على دمج القطاع الصناعي مع الزراعة والثروة النفطية، مما يعزز التكامل الاقتصادي العام. السوداني ذكر أن الفتحة غير المنظمة بعد عام 2003 أدت إلى غمر السوق بالمنتجات المستوردة، مما دفع العديد من الصناعيين نحو أدوار تجارية أو مقاولاتية. ومع ذلك، فإنه يعبر عن ثقته الكاملة في القطاع الصناعي الآن، خاصة مع التقدم الذي حققته الصناعات الغذائية والدوائية في تلبية الاحتياجات المحلية. هذا التقدم لم يأتِ بالصدفة، بل نتج عن إجراءات حكومية محددة، مثل تشجيع استيراد التكنولوجيا والمعدات الحديثة لتطوير الإنتاج، مع الأولوية للمواد الإنشائية والغذائية والدوائية.
تعزيز الاعتماد الذاتي من خلال الدعم الحكومي
يبرز دعم الحكومة للقطاع الصناعي من خلال عدة مبادرات، بما في ذلك إصدار القرار 672 الذي حدد رسومًا جمركية منخفضة قدرها 0.5% على واردات المواد الأولية والمشاريع الصناعية، بالإضافة إلى تقديم قروض للمشروعات الجديدة والقيد التشغيل. تم تسجيل أكثر من 5000 مشروع صناعي جديد، مما يعكس نموًا في توفير فرص العمل وتعزيز الحقوق الاجتماعية، حيث يسعى القطاع الخاص ليكون شريكًا رئيسيًا مع الحكومة. في هذا السياق، أعلن السوداني عن استعداد الحكومة لاتخاذ خطوات أكثر جذرية، مثل منع استيراد السلع في حال توفرها محليًا، إلى جانب تفعيل المجلس الصناعي لحل مشكلات الصناعيين. كما شدد على ضرورة تحسين الاستثمار في صناعة المنتجات النفطية، بهدف تحويل التصدير من المواد الخام إلى مشتقات عالية القيمة، مثل المنتجات البتروكيماوية التي تلبي الطلب العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، يتجه التركيز نحو تحديث القطاع المصرفي والسيطرة على المنافذ الحدودية لمنع دخول السلع غير المناسبة، مع تشجيع الصناعيين على الانتقال إلى استخدام الوقود الصديق للبيئة. أعضاء اتحاد الصناعات أشادوا بجهود الحكومة المستمرة منذ انطلاق برنامجها، معتبرين أن هذه الخطوات تعزز الاقتصاد الوطني وتدعم آلاف العاملين في نحو 34 ألف مشروع صناعي. هذه الجهود لن تقتصر على الدعم المالي، بل ستشمل تسهيل الإجراءات الإلكترونية لإنشاء المصانع، مما يعزز الرقمنة ويفتح أبوابًا للأسواق العالمية. بفضل هذه الاستراتيجيات، يمكن للاقتصاد العراقي أن يتحول إلى نموذج للتنمية المستدامة، حيث يلعب القطاع الخاص دورًا حاسمًا في تعزيز الاكتفاء الذاتي وخلق فرص اقتصادية جديدة. هذا النهج ليس مجرد خطوة اقتصادية، بل يمثل ركيزة أساسية للاستقلال الوطني في مواجهة التحديات الخارجية.