أنهى دوري كرة القدم السعودي موسمًا حافلًا بالإثارة، حيث توج نادي الاتحاد باللقب بعد تحقيق 83 نقطة، متفوقًا على منافسيه. جاء الهلال في المركز الثاني، تليه النصر ثالثًا، ثم القادسية رابعًا، وأخيرًا الأهلي في المركز الخامس. ما يميز هذا الدوري هو التدفق الاقتصادي الضخم، حيث تملك صندوق الاستثمارات العامة السعودي حصة تقترب من 75% في أربعة من هذه الأندية الخمسة، بينما يسيطر عملاق الطاقة أرامكو على القادسية. هذا الارتباط يعكس تحول الأندية إلى مشاريع استثمارية عملاقة، مدعومة بميزانيات هائلة من صندوق الاستثمارات، الذي يدير أصولاً تزيد عن 700 مليار دولار عبر قطاعات متنوعة، وأرامكو التي تتجاوز قيمتها 1.5 تريليون دولار مع استثمارات عالمية.
تحديات كرة القدم السعودية
ومع ذلك، يبرز تناقض في هذا النموذج، حيث تشغل أعضاء مجالس الإدارة، المرتبطين بصندوق الاستثمارات وأرامكو، مناصب إدارية، لكنهم غالبًا ما يواجهون انتقادات بسبب عدم فهمهم للجوانب الفنية والعاطفية للرياضة. الجماهير والإعلام يشككون في قدرتهم على إدارة اللاعبين والمدربين، مما أدى إلى أداء متذبذب للأندية. على سبيل المثال، شهد نادي النصر انتقادات شديدة في المواسم الأخيرة، بينما تعرض الاتحاد والأهلي لهجمات مشابهة، مما خلق ضغوطًا نفسية على هؤلاء المسؤولين، الذين يديرون أيضًا استثمارات تريليونات الريالات في أدوارهم الرئيسية. هذا الضغط يؤثر على أدائهم، حيث يفتقر الأندية إلى الاستقرار الفني، مما يعكس عدم التوازن بين الجانب المالي والرياضي.
تطور الرياضة في السعودية
بالرغم من هذه التحديات، يمكن لتطور الرياضة في السعودية أن يأخذ منحًى إيجابيًا إذا تم فصل الإدارة الاستثمارية عن الإدارة الفنية. على سبيل المثال، تضم أندية عالمية مثل بايرن ميونيخ مجلسًا من الخبراء المتخصصين في الكرة، لا الموظفين الماليين، مما ساهم في نجاحها المستمر. كذلك، يدير مانشستر سيتي فريقًا من المحترفين الرياضيين، رغم تملكه لمجموعات استثمارية كبيرة. في السعودية، يمكن حل هذه المشكلات من خلال تعيين متخصصين في إدارة الأندية، مثل اللاعبين القدامى أو الخبراء الأجانب من أندية مثل ريال مدريد أو يوفنتوس. كما يجب تعزيز التدريب المحلي والتواصل مع الجماهير لضمان الشفافية وتعزيز الثقة.
من بين التحديات الرئيسية، يبرز غياب الخبرة الفنية في مجالس الإدارة، وضعف التواصل مع الجماهير، وصعوبة الحفاظ على الاستقرار الفني بسبب التدخلات غير المتخصصة. هذا قد يؤدي إلى تراجع جودة المنافسة وفقدان القيمة الاستثمارية للأندية، مما يؤثر على جذب الرعاة. لذا، يوصى بفصل المهام الاستثمارية عن الرياضية، مع دعم من صندوق الاستثمارات وأرامكو كداعمين ماليين فقط. كما يجب الاستفادة من التعاون الدولي لتأهيل الكوادر المحلية، وفتح قنوات تواصل فعالة مع الجماهير. إذا لم يتم اتخاذ هذه الخطوات، قد تنحدر الكرة السعودية، خاصة مع اقتراب استضافة كأس العالم 2034، مما يعيق الطموحات الوطنية في تعزيز مكانتها العالمية. في النهاية، يتطلب الأمر إعادة هيكلة شاملة لتحويل هذه الأندية إلى نموذج ناجح يجمع بين الاستثمار والشغف الرياضي الحقيقي.