رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أعلن، خلال رعايته للمؤتمر الدولي الخامس للمياه في بغداد، عن المبادرة الإقليمية لحماية نهري دجلة والفرات، التي تهدف إلى تحقيق أمن مائي مستدام. هذه المبادرة تأتي كرد فعل على التحديات البيئية والمناخية التي تهدد موارد المياه في العراق، مع التركيز على التعاون الدولي والتقنيات الحديثة لضمان استمرارية جريان النهرين ومواجهة التلوث. في خطابه، أكد السوداني أن هذه الخطوة الاستراتيجية ستعزز الشراكات بين الدول المتشاركة، وتستند إلى مبادئ الابتكار والتكنولوجيا لتقليل آثار التغير المناخي، مما يعكس التزام الحكومة العراقية بتعزيز التنمية المستدامة.
أمن مائي راسخ للعراق
في ظل التحديات المتزايدة للموارد المائية، أبرز رئيس الوزراء جهود العراق في السنوات الأخيرة للتصدي لتراجع كميات المياه، من خلال اعتماد حلول تكنولوجية متقدمة مثل الري الدقيق والأتمتة في إدارة السدود. هذه الجهود تشمل أيضًا تحلية المياه ومعالجة الصرف الصحي، بهدف تعزيز الكفاءة وتقليل الهدر. كما حيا السوداني الجهود المبذولة في استضافة مؤتمر الري الدقيق لأول مرة في بغداد، الذي يمثل فرصة استراتيجية لتبادل الخبرات الدولية ودمج الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد. هذا النهج يعكس رؤية شاملة للأمن المائي، تتجاوز الحدود الوطنية لتشمل التعاون مع الدول المجاورة، مستندًا إلى القانون الدولي والأعراف المتعلقة بحوضي النهرين.
الحماية المائية للأجيال القادمة
من الضروري الآن التركيز على بناء شراكات مسؤولة على المستويين الوطني والدولي لمواجهة التحديات البيئية الطارئة. أكد السوداني أن العراق قد خطا خطوات مهمة في مجال حماية المياه، بما في ذلك فرض معايير صارمة لمكافحة التلوث وحفظ المياه الجوفية من الاستنزاف. هذه الجهود تشمل أيضًا تطوير برامج توعية مجتمعية لتعزيز المشاركة الشعبية في الحفاظ على هذه الثروة الاستراتيجية. بالإضافة إلى ذلك، أشار إلى أن المبادرة الإقليمية، تحت شعار “مياهنا… مستقبلنا”، ستكون منصة لتحديد الأدوار والمسؤوليات المشتركة، مع الاستفادة من الابتكارات التقنية لمواجهة تغيرات المناخ. هذا النهج يعزز مفهوم الأمن المائي كقضية عالمية، كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة في زيارته للعراق، حيث يتطلب تعاونًا دوليًا واسعًا لبناء مستقبل أكثر أمانًا.
في الختام، تؤكد الحكومة العراقية التزامها بتجاوز العقبات من خلال سياسات وطنية تهدف إلى التكيف مع التأثيرات المناخية، مع التركيز على التنمية المستدامة التي تراعي احتياجات الشعب والانفتاح على شراكات إقليمية. هذا النهج ليس مجرد رد فعل على التحديات الحالية، بل خطة استراتيجية لضمان توفر المياه للأجيال القادمة، من خلال دمج التكنولوجيا والتعاون الدولي. يمكن لهذه المبادرة أن تفتح آفاقًا جديدة للتنمية، حيث تُظهر العراق كمركز للابتكار في إدارة الموارد المائية، وتعزز الجهود الوطنية لتحقيق التوازن بين الاحتياجات البشرية والحفاظ على البيئة. بذلك، يصبح الأمن المائي للعراق جزءًا من رؤية أوسع للتنمية الشاملة في المنطقة.