منذ قرون، كانت صورة المملكة العربية السعودية تتجلى في أذهان الزوار من خلال حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، وهي قيمة جوهرية متأصلة في النسيج الثقافي. مع تطورها كوجهة سياحية عالمية ضمن أهداف رؤية 2030، يبرز السؤال عن دمج هذا الإرث الثقافي غير المادي في تجارب الضيافة الفندقية بمعايير عالمية، مع الحفاظ على الروح المحلية الأصيلة. في هذا الإطار، أطلقت مجموعة “إيلاف”، الرائدة في قطاع الضيافة في السعودية، مشروعها الابتكاري الذي يجسد هذا التوازن، مستلهماً من التراث السعودي ليوفر تجربة متكاملة تجمع بين الفخامة العالمية والأصالة المحلية، مدعومة بجهود كوادر سعودية متخصصة ترفع شعار الوطنية في كل تفصيل.
رحلة الضيافة السعودية
يشكل مشروع “رحلة الضيافة السعودية” خطوة نوعية في دمج الهوية الثقافية مع ممارسات الضيافة العصرية، حيث يركز على بناء تجربة حسية شاملة تعكس غنى التراث السعودي. هذا المشروع ليس مجرد مبادرة تجارية، بل انعكاس للالتزام بتعزيز القيم الوطنية، معتمداً على خبرات سعودية محلية ليوفر للزوار، سواء كانوا محليين أو دوليين، تجربة تلامس الحواس وتغوص في عمق التاريخ. تبرز أهمية الكوادر الوطنية في هذا المشروع، إذ قادت نخبة من المتخصصين السعوديين عملية التنفيذ منذ مرحلة التخطيط. على سبيل المثال، تولت الشيف حصة البشر تصميم قائمة أطباق تراثية سعودية راقية، تجمع بين الأصالة والابتكار لتتناسب مع أجواء الفنادق الفاخرة. أما المصممة هند الغيثي، بخبرة تزيد عن 28 عاماً في عالم العطور، فقد ابتكرت مزيجاً عطرياً فريداً يعتمد على مكونات سعودية ليستقبل الضيوف بأريج يعبر عن التراث المحلي. بالإضافة إلى ذلك، أشرف المصممة ريم عسيلان على تصميم أزياء موحدة تبرز تنوع المناطق الجغرافية في المملكة، مع الحرص على أن تكون أنيقة ومناسبة للبيئة الفندقية، بينما ساهم الأستاذ محمد باحسن، كواحد من أبرز علماء الموسيقى السعودية، في إنشاء مقطوعات موسيقية تعيد صياغة التراث بإيقاع معاصر، لتكون خلفية صوتية ترحيبية في مختلف مرافق الفنادق. هكذا، يصبح المشروع نموذجاً يؤكد أن الضيافة ليست مجرد خدمة، بل حكاية ثقافية تعيد صياغة الزيارة إلى تجربة لا تُنسى.
تجربة الضيافة السعودية
يعتمد هذا المشروع على مقاربة شاملة تغطي كل الحواس لتوفير تجربة ضيافة متكاملة، مما يجعلها مرادفاً حقيقياً للابتكار الثقافي في قطاع السياحة. من الترحيب الصوتي الدافئ بكلمات مثل “يا هلا وحياكم”، مروراً بالعطور التقليدية والأطباق التراثية مثل القهوة السعودية والتمر، وصولاً إلى العناصر البصرية كالأزياء المنوعة والموسيقى المعاصرة، يتم تشكيل رحلة حسية تتناغم بين الأصالة والحداثة. هذه التجربة جزء من الاستراتيجية الشاملة لمجموعة “إيلاف” لتكون العلامة السعودية الرائدة في قطاع الضيافة بحلول عام 2025، مستفيدة من انتشار فنادقها في مدن رئيسية مثل الرياض وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة. هذا التمدد الجغرافي، المدعوم بأكثر من أربعة عقود من الخبرة، يسمح بتقديم خدمات تلبي احتياجات الضيوف المحليين والدوليين على حد سواء. في الوقت نفسه، تبرز هذه المبادرة دور القطاع الخاص في دعم الاستراتيجيات الوطنية، مثل الاستراتيجية الوطنية للثقافة وبرنامج جودة الحياة، من خلال تصدير قصة المملكة إلى العالم عبر تجربة تضيف قيمة عاطفية وتاريخية. في النهاية، يؤكد مشروع “رحلة الضيافة السعودية” أن المملكة قادرة على تقديم خدمات عالمية المستوى مع الحفاظ على هويتها الثقافية، محولاً كل زيارة إلى احتفال بالجذور والمستقبل معاً، حيث يغادر الضيف وفي ذاكرته حكاية تعبر عن كرم المملكة وتألقها. هكذا، يصبح هذا المشروع دليلاً على أن الضيافة السعودية ليست مجرد تقليد، بل فن يتطور مع الزمن ليستمر في جذب العالم بأسره.