في أعماق التاريخ الإلهي، يُروى قصة مذهلة عن كائن بشري عملاق، كان طوله ستين ذراعاً، مما جعله يثير الرهبة في قلوب الملائكة ويجعل إبليس نفسه يرتعد خوفاً منه. هذه القصة ليست مجرد أسطورة، بل هي جزء من الإعجاز الرباني الذي يُذكر في الروايات المقدسة، حيث يُصور خلق هذا الرجل كخطوة أساسية في تاريخ البشرية، تجسد حكمة الخالق وقدرته على تشكيل الكون.
رجل عملاق طوله 60 ذراعاً خاف منه الملائكة وأرعب إبليس
هذه الحكاية تعود إلى بدايات الخلق، حين كان الله تعالى يُعلن عن خلق آدم، الإنسان الأول، بقامة هائلة بلغت ستين ذراعاً. يُذكر في الروايات أن هذا الخلق لم يكن عادياً، بل كان يحمل دلالات عميقة حول سلطة الإنسان على الأرض. ففي حديث شريف يرويه أبو هريرة رضي الله عنه، يصف النبي صلى الله عليه وسلم كيف أوجد الله آدم بهذه القامة العملاقة، ثم أمره بالسلام على الملائكة ليكون ذلك تحية للأجيال اللاحقة. تخيل مشهد الملائكة وهي تُشاهد هذا الكائن الجديد، الذي كان رأسه يصل إلى السحاب، مما أثار دهشتهم وخوفهم المتقدّم. لم يكن هذا الخوف مجرد رد فعل عاطفي، بل كان انعكاساً للاختلاف بين عالم الملائكة النقي والعالم البشري الذي يحمل إمكانية الفساد والإصلاح معاً.
علاوة على ذلك، تُبرز هذه القصة كيف أن إبليس، الذي كان يعتقد نفسه أعلى من البشر بسبب خلقه من النار، شعر بالهزيمة عند رؤية تمثال آدم الذي شكل من الطين الفخاري. هذا الخلق لم يكن مجرد بداية للبشرية، بل كان تحدياً لإبليس، الذي أدرك أن آدم سيُختار خليفة في الأرض، مما دفع إبليس إلى التمرد والحسد. في هذا السياق، يتناول النقاش جوانب أخرى من الإعجاز الرباني، مثل كيف أن الملائكة سألت الله تعالى عن حكمة خلق بشر يمكن أن يفسدوا في الأرض ويسفكوا الدماء، رغم أنهم يعبدون الله دون انقطاع. كان هذا التساؤل تعبيراً عن دهشتهم، لكن الله أجابهم بأن هناك حكمة أعمق في هذا الخلق، تتعلق باختبار الإرادة والإيمان.
خلق الإنسان الأول وأسراره الغامضة
مع استمرار استكشاف هذه القصة، يبرز العديد من الأسئلة الجوهرية التي تكشف عن أسرار الخلق. على سبيل المثال، ما هو أول شيء خلقه الله في الكون؟ الإجابة تتجه نحو العرش أو القلم، كما في بعض الروايات، الذي يمثل بداية الكتابة والتقدير الإلهي. كما يثير الفضول سؤال عن البشر الذي خلقه الله من ذكر بدون أنثى، وهو آدم نفسه، الذي تم تشكيله من طين ثم نفخ الروح فيه، مما يؤكد على قدرة الله في خلق الحياة من غير حاجة إلى شريك. أما عن خوف إبليس، فهو لم يكن ناتجاً فقط من القامة العملاقة، بل من فهم إبليس أن آدم سيكون موضع اختيار إلهي، مما يهدد مكانته. هذه العناصر تجعل من قصة آدم مصدر إلهام وتأمل، حيث تُظهر كيف أن الإنسان، رغم ضعفه، يحمل مسؤولية كبيرة في الأرض.
في الختام، يبقى هذا الرجل العملاق رمزاً للإعجاز والتجربة البشرية، حيث يدعونا إلى التفكير في أسرار الخلق والاختيار الإلهي. من خلال هذه القصة، ندرك أن الخوف الذي أحاط بآدم لم يكن سوى مقدمة لمسيرة البشرية نحو الإيمان والاصلاح، مما يعزز فهمنا لحكمة الله في ترتيب الكون. هذا التأمل يستمر في أذهاننا، مشجعاً على استكشاف المزيد من أسرار الخلق والإنسانية.