في ظل التحديات الإقليمية الحادة التي تشهدها المنطقة، يؤكد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، على أهمية التكاتف العربي لمواجهة الصراعات المفتوحة وإعادة ترتيب الأوضاع. يرى السوداني أن بغداد، وهي تستضيف القمة العربية، تمثل نقطة تحول تاريخية، حيث يمكن للقادة العرب أن يعيدوا صياغة مسار العمل المشترك، مستندين إلى قيم التعاون والتضامن، خاصة في ظل الضغوط الناجمة عن النزاعات مثل تلك في غزة والضفة الغربية. من خلال سياسات تنموية طموحة، تمكن العراق من الانتقال من حالة هشاشة إلى تماسك أكبر، مما يجعله نموذجاً يمكن الاقتداء به للدول العربية الأخرى.
الوقت حان لإطلاق مبادرة عربية موحدة
تقف الدول العربية اليوم أمام لحظة حاسمة، حيث يدعو رئيس الوزراء إلى إطلاق مبادرة موحدة تعزز التعاون الشامل. في مقاله، يبرز السوداني كيف أن الإرادة الوطنية العراقية تتزامن مع أمل عربي عام في تجاوز الخلافات والانطلاق نحو منظومة تعاونية فعالة. يؤكد على ضرورة خطاب عربي مسؤول يعتمد على الواقعية، حيث يتيح الاحترام للخصوصيات داخل إطار وحدة الهدف. من الخليج إلى المحيط، يرى العراق أن تعزيز العلاقات بين العواصم العربية يبدأ بمبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مع تفعيل حوار بناء وتوحيد المواقف في القضايا الدولية. هذا النهج يستلهم من موقع العالم العربي الاستراتيجي، ثرواته الهائلة، وإرثه الحضاري، ليصبح قوة مستقلة على الساحة الدولية.
تحالف عربي مشترك لمواجهة التحديات
أمام التحديات المتنوعة، من العدوان الصهيوني على غزة ولبنان وسوريا، إلى الانقسامات الداخلية والتدخلات الإقليمية، يرى رئيس الوزراء أن الوقت قد حان لتجاوز هذه المعيقات من خلال تحالف عربي مشترك. هذا التحالف لن يقتصر على الدعم الإنساني، بل سيعمل على تعزيز بناء الدولة الوطنية القائمة على الدستور والكرامة والتنوع. في غياب الانخراط الدولي الفاعل، أصبح من الضروري امتلاك استراتيجية تنموية عربية شاملة، تتناول التفاوتات الاقتصادية وتعزز القدرة على مواجهة أزمات الغذاء والطاقة. يقدم مشروع طريق التنمية، الذي يقترب من الاكتمال، كمثال عملي لهذا التوجه، حيث يمكن أن يشكل ركيزة لشراكات حقيقية تجمع بين الدول العربية.
يشكل العراق دوراً محورياً في هذا السياق، إذ لا يرى نفسه لاعباً منفرداً، بل جسراً لجمع الأشقاء واستعادة الثقة في مؤسسات العمل العربي. الأمن القومي العربي، كما يؤكد السوداني، لا يتجزأ ويتطلب تعاوناً فعلياً وسياسات متوازنة. من خلال سياسة خارجية حكيمة، يسعى العراق إلى إعادة رسم ملامح الشرق الأوسط، معتمداً على مبادرات تنموية وشراكات استراتيجية. في هذه اللحظة التاريخية، يوجه نداءً من بغداد إلى جميع العواصم العربية للبدء من جديد بأرضية ومنهجية وإرادة جديدة. بغداد، كعاصمة للفكر العربي والتاريخ المشترك، تفتح أبوابها للقمة العربية، مطمئنة بأن ما يجمع الأمة أكبر مما يفرقها، وأن هناك فرصة ثمينة لصياغة مستقبل يعكس التماسك والكرامة لشعوبها. هذا الدعوة ليس مجرد كلمات، بل خطوة عملية نحو عالم عربي أقوى وأكثر تماسكاً في وجه التحديات العالمية.