معرض أبوظبي للكتاب يختتم فعاليات دورته الـ34 بنجاح

معرض أبوظبي للكتاب يطوي صفحات دورته الـ34: احتفاء بالثقافة والمعرفة

في قلب دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً في عاصمتها أبوظبي، يُعتبر معرض أبوظبي للكتاب واحداً من أبرز الأحداث الثقافية في المنطقة العربية. هذا العام، ومع إغلاق دورته الـ34، يختتم المعرض فصلاً آخر من فصوله المزدهرة، الذي يعود إلى بداياته في عام 1987. لقد شهد هذا الإصدار، الذي انطلق في شهر أبريل 2023، مشاركة واسعة وتنوعاً ثقافياً يعكس التزام الإمارات بتعزيز القراءة والنشر على المستويين المحلي والدولي.

تاريخ وأهمية المعرض

منذ إنشائه، تحول معرض أبوظبي للكتاب إلى حدث عالمي يجمع بين الناشرين، الكتاب، والقراء من مختلف أنحاء العالم. يُشرف عليه مجلس أبوظبي الثقافي، ويهدف إلى تعزيز التبادل الثقافي ودعم صناعة النشر العربية. في دورته الـ34، التي استمرت لمدة عشرة أيام، كان المعرض شاهداً على زيارة أكثر من 300 ألف زائر، وفقاً للإحصائيات الرسمية، مما يعكس الجاذبية المتزايدة لهذا الحدث في ظل تحديات عالمية مثل جائحة كوفيد-19.

يقدم المعرض فرصة فريدة للتواصل بين الثقافات، حيث يشارك فيه أكثر من 1,500 ناشر ومؤسسة ثقافية من 80 دولة. هذا التنوع يبرز في قاعات المعرض الواسعة، التي تضم ما يقرب من 500 ألف عنوان كتابي، تغطي فروعاً متنوعة مثل الأدب، التاريخ، العلوم، والثقافة العربية. كما أنه يؤكد على دور الإمارات في تعزيز الحوار الحضاري، خاصة في ظل رؤية الإمارات 2030 التي تؤكد على التنمية الثقافية كجزء أساسي من التقدم الشامل.

أبرز أحداث الدورة الـ34

شهدت الدورة الـ34 من معرض أبوظبي للكتاب برنامجاً غنياً من الأنشطة، يجمع بين الترفيه والتعليم. من بينها:

  • ورش العمل والمحاضرات: أقيمت جلسات نقاشية حية مع كتاب ومفكرين عالميين، مثل الروائي البريطاني إيان ماكيوان والكاتبة الأمريكية جين لويس، الذين شاركوا في مناقشات حول مستقبل القراءة في عصر التكنولوجيا. كما ركزت ورش العمل على تطوير مهارات الكتابة للشباب، مما شجع على اكتشاف مواهب جديدة.

  • معارض الكتب والصفقات التجارية: شهد المعرض صفقات تجارية قيّمة، حيث بلغ حجم المبيعات أكثر من 50 مليون درهم إماراتي. تميزت الأقسام المخصصة للنشر العربي بتقديم أعمال محلية من كتاب إماراتيين مثل سلطان الفلاسي وفاطمة الملا، الذين أشاروا إلى أهمية هذه المنصة في تعزيز الإرث الثقافي.

  • البرامج التفاعلية: لم يقتصر الأمر على الكتب، بل شمل المعرض فعاليات مثل معارض فنية وقراءات شعرية، بالإضافة إلى برامج للأطفال تهدف إلى تعزيز حب القراءة من سن مبكرة. كما كان هناك تركيز على الكتب الإلكترونية والواقع الافتراضي، مما يعكس التكيف مع التغييرات الرقمية.

وفقاً لمنظمي المعرض، ساهمت الدورة في تعزيز التعاون الدولي، حيث تم التوقيع على عدة اتفاقيات لترجمة أعمال أدبية إلى اللغة العربية، مما يعزز انتشار الثقافة العربية عالمياً.

التحديات والإنجازات

رغم النجاحات، واجه المعرض بعض التحديات، مثل الظروف الاقتصادية العالمية والتغييرات في عادات القراءة. ومع ذلك، تمكن من تجاوز ذلك بفضل دعم الحكومة الإماراتية، التي ركزت على جعل المعرض منصة للابتكار. على سبيل المثال، تم إدخال تقنيات حديثة مثل التطبيقات الإلكترونية للتصفح الافتراضي، مما جذب جمهوراً أوسع.

في الختام، يطوي معرض أبوظبي للكتاب صفحات دورته الـ34 بإحساس بالإنجاز والأمل. هذا الحدث لم يكن مجرد معرض للكتب، بل كان جسراً يربط بين الماضي والمستقبل، ويؤكد على دور الثقافة في بناء مجتمعات أكثر تماسكاً. مع انطلاق الدورة الـ35، يتوقع الجميع أن يستمر هذا المعرض في تطوير نفسه، مما يجعله مصدر إلهام للأجيال القادمة. في عالم يتغير بسرعة، يظل معرض أبوظبي للكتاب دليلاً على أن الكلمة المكتوبة تظل أقوى أسلحة الإنسانية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *