وزير الخارجية اللبناني: السعودية هي الأكثر موثوقية!

يوسف رجي، وزير الخارجية اللبناني، يمثل صورة حية لتعدد لبنان السياسي والثقافي والتاريخي. في أول حوار له مع وسائل الإعلام، أكد على رغبة بلاده في الانطلاق نحو عهد جديد يعتمد على مبدأ السيادة. كان حديثه صريحاً ومباشراً، عكس التحولات التي يشهدها لبنان بعد سقوط نظام الأسد. الرجل، الذي عانى هو نفسه من ظلم ذلك النظام، يرى في اللحظة الراهنة فرصة لإعادة بناء العلاقات مع الدول المجاورة، بما في ذلك السعودية، التي وصفها بأنها دعمًا أصيلاً ومستدامًا للشعب اللبناني.

يوسف رجي وتحديات لبنان الخارجية

تعد علاقة لبنان بالسعودية تاريخية وعميقة، حيث ساهمت المملكة في دعم الاستقرار اللبناني عبر السنوات. وفقاً لوزير الخارجية، فإن الأخطاء السابقة التي ارتكبتها بعض الأطراف اللبنانية أدت إلى استياء الدول الخليجية، بما في ذلك الإضرار بأمنها واستقرارها. الآن، مع بداية عهد جديد، يسعى لبنان لاستعادة ثقله العربي، خاصة من خلال زيارات رسمية أعادت حيوية العلاقات، مثل زيارة الرئيس اللبناني التي لقيت استقبالاً دافئاً من ولي العهد السعودي. على صعيد الملفات المشتركة، يركز لبنان على تعزيز التبادل التجاري، تشجيع الاستثمارات والسياحة السعودية، وتعزيز الدور السعودي في إرساء الاستقرار الإقليمي. كما أكد رجي أن المملكة كانت دائماً شريكاً موثوقاً، يدعم جميع المكونات اللبنانية دون تفرقة.

السيادة اللبنانية في ظل التغييرات الإقليمية

أمام لبنان تحديات كبيرة لاستعادة سيادته، بما في ذلك انسحاب إسرائيل من أراضيه، ترسيم الحدود مع سورية وإسرائيل، ووقف الخروقات. كما يرى رجي أن بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، من خلال حصر السلاح، هو مطلب شعبي يضمن السلام والأمن. في سياق سقوط نظام الأسد، وصفه رجي بأنه كارثة طالت كل الطوائف اللبنانية، حيث فرض سيطرة قسرية على مفاصل الدولة لعقود. الآن، مع النظام الجديد في سورية، يأمل لبنان في علاقة مبنية على الاحترام المتبادل، بما في ذلك الاعتراف باستقلال لبنان وترسيم الحدود. كان زيارة رجي لدمشق نقطة تحول، حيث لاحظ فيها التزام النظام الجديد بحقوق الدولة اللبنانية، وتم مناقشة ملفات حيوية مثل عودة اللاجئين السوريين، الذين يشكلون عبئاً اقتصادياً وأمنياً على لبنان.

في اللقاءات مع الجانب السوري، مثل وزارة الخارجية هناك، تم التأكيد على أهمية التعاون في مكافحة التهريب والنزاعات الحدودية. رجي أكد أن عودة اللاجئين أمر ملح، خاصة مع توقف الحرب، ودعا المجتمع الدولي لتوجيه المساعدات مباشرة إلى سورية لتسهيل العودة. كذلك، ناقش ملف المفقودين اللبنانيين، الذي يُعتبر قضية إنسانية عاجلة، مع وعود بالتعاون لفك طلاسمها. على صعيد آخر، تحدث عن ضرورة التعامل مع التنظيمات المسلحة غير الرسمية، مثل حماس، التي تهدد السيادة اللبنانية، مع الإصرار على أن لا أحد يحق له حمل السلاح خارج إطار الدولة.

بالنسبة للعلاقات مع إسرائيل، يؤكد لبنان على دعم القضية الفلسطينية ضمن السياق العربي المشترك، لكنه يرفض أي تدخلات أمنية داخلية. في الختام، يرى رجي أن مستقبل لبنان يعتمد على بناء دولة قانون في سورية، مما يضمن الاستقرار المشترك، وأن الخطوات الدبلوماسية القادمة، مثل تعيين سفير لبناني في دمشق قريباً، ستعزز هذا الاتجاه. هذه الجهود تشكل جزءاً من الرؤية الجديدة للسياسة الخارجية اللبنانية، التي تستهدف الأمن والسلام والتعاون الدولي.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *