متحدث الصحة يكشف سر تقسيم إعلان 6 وفيات كورونا لأول مرة إلى 4 وواحد وواحد.. صحيفة المرصد

أثناء جائحة كورونا، كان التحدي الأكبر للمسؤولين الصحيين هو كيفية نقل الأخبار السيئة دون إثارة الرعب أو زيادة القلق لدى الجمهور. في إحدى الحالات، لجأ المتحدث الرسمي لوزارة الصحة إلى طريقة مبتكرة للإعلان عن الوفيات لتخفيف الصدمة النفسية، مما يعكس مدى أهمية فهم ردود فعل الناس تجاه الأزمات.

إدارة التواصل خلال جائحة كورونا

في أوج انتشار الوباء، أوضح الدكتور محمد العبد العالي، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، كيف تعامل مع إعلان أول مجموعة من الوفيات. خلال مؤتمر الاتصال الرقمي في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، أكد الدكتور أن الرقم الإجمالي للوفيات يمكن أن يكون مخيفًا إذا تم ذكره مباشرة، خاصة في سياق جائحة كانت تثير الخوف العالمي. فقد قرر تقسيم الرقم الستة إلى “أربعة وفيات وواحد وواحد” لتوزيع الصدمة وجعلها أقل حدة. هذا النهج لم يكن مجرد تكتيك إعلامي، بل كان استجابة للاحتياجات النفسية للجمهور، حيث أشار إلى أن كبار السن يمكن أن يتأثروا بشكل أكبر بالأرقام الكبيرة، مما قد يؤدي إلى زيادة التوتر والخوف غير الضروري. هذا النوع من التواصل يبرز كيف أصبحت الشفافية مع الحساسية أمرًا أساسيًا في إدارة الصحة العامة خلال الأزمات.

تحديات الوباء

من بين التحديات الرئيسية للوباء كان التوازن بين نقل الحقائق والحفاظ على استقرار المجتمع، حيث أصبح التواصل الفعال أداة حاسمة للحد من الانتشار. في ظل انتشار كورونا، لم يكن الإعلان عن الوفيات مجرد إحصاءات؛ بل كان قرارًا يؤثر على نفسية الملايين، خاصة مع تزايد حالات الإصابة عالميًا. الدكتور العبد العالي، في حديثه، لم يتطرق فقط إلى الحدث المحدد، بل ألقى الضوء على أهمية دراسة علم النفس الاجتماعي في مثل هذه الظروف. على سبيل المثال، عندما يتم تقديم الأرقام بطريقة تدريجية، يمكن أن يقلل ذلك من رد الفعل العاطفي الفوري، مما يسمح للناس بمعالجة المعلومات بشكل أفضل. هذا النهج ساعد في بناء ثقة أكبر بين السلطات الصحية والمواطنين، حيث أظهر أن الحكومات ليست فقط معنية بالأرقام، بل بالصحة العقلية أيضًا.

في السياق الأوسع، كشف هذا الحدث عن دروس قيمة في إدارة الجائحات. على سبيل المثال، أدى انتشار كورونا إلى تغيير جذري في كيفية تعامل الإعلام الصحي مع الأزمات، حيث أصبح من الضروري دمج العلوم الاجتماعية مع الطبية. في الممارسة العملية، تم تطبيق استراتيجيات مشابهة في دول أخرى، حيث ركزت الحكومات على التواصل التثقيفي لتقليل الذعر. هذا يشمل استخدام اللغة السهلة وتجنب المصطلحات التقنية التي قد تخيف الجمهور. كما أن هذا النهج ساهم في تعزيز الالتزام بالإجراءات الوقائية، مثل التباعد الاجتماعي واللقاحات، من خلال جعل الرسائل أكثر إقناعًا وأقل إثارة للخوف. بالإضافة إلى ذلك، أبرزت هذه التجربة أهمية الاستعداد المسبق للأزمات، حيث يجب على الجهات المعنية تطوير بروتوكولات للتواصل تتضمن تحليل ردود الفعل الاجتماعية. في النهاية، يمكن القول إن مثل هذه الاستراتيجيات لم تساعد فقط في إدارة جائحة كورونا، بل قدمت نموذجًا للتعامل مع الأزمات المستقبلية، سواء كانت صحية أو طبيعية.

مع مرور الوقت، أصبح واضحًا أن النجاح في مكافحة الجائحات يعتمد على أكثر من مجرد الإجراءات الطبية؛ فالجانب البشري، مثل معالجة الخوف والقلق، يلعب دورًا حاسمًا. في حالة الدكتور العبد العالي، كان اختياره لطريقة الإعلان عن الوفيات دليلاً على أن التواصل الذكي يمكن أن ينقذ الأرواح من خلال الحفاظ على الهدوء الاجتماعي. هذا الدرس يظل ذا صلة اليوم، حيث نواجه تحديات أخرى قد تتطلب نفس القدر من الحساسية والحكمة. بشكل عام، تعكس هذه القصة كيف يمكن للتواصل الفعال أن يحول الأزمة إلى فرصة للتعلم والتحسين.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *