اكتشاف أنفاق سرية مخفية تحت شوارع الجزائر!

ظهرت في أحياء متعددة من العاصمة الجزائر حفر وثقوب عميقة أثار الانتباه والقلق بين السكان، حيث تشكل هذه الظاهرة لغزاً يرتبط بتاريخ المدينة الغني بالهندسة القديمة. في الشهور الأخيرة، تحولت هذه الحفر إلى موضوع نقاش واسع، مع تباين الروايات حول أسبابها، حيث يعتقد البعض أنها ناتجة عن عوامل طبيعية مثل انهيارات التربة، بينما يشير آخرون إلى وجود أنفاق قديمة مدفونة تحت الأرض. هذه الحوادث لم تقتصر على منطقة واحدة، بل امتدت إلى أماكن مختلفة، مما أجبر السلطات على التدخل السريع لضمان سلامة المواطنين ومنع أي مخاطر محتملة.

أسرار الأنفاق السرية في العاصمة الجزائر

في بلدية باب الوادي، حدث انهيار مفاجئ للأرضية أدى إلى ظهور ثقب كبير، مما جعل السكان يعتقدون في البداية أنه مجرد مشكلة بسيطة في التربة. ومع ذلك، عند فحص العمق الذي يصل إلى عدة أمتار، أثار ذلك تساؤلات كبيرة لدى المواطنين والمسؤولين المحليين، الذين وضعوا حواجز حول المكان لتجنب الحوادث. بعد يومين فقط، تكرر الأمر في بلدية الأبيار، حيث ظهرت حفرة أخرى كبيرة أدت إلى إغلاق الشارع الرئيسي بالكامل، في انتظار فرق الخبراء للتحقيق. ومن قبل ذلك، شهد الطريق السيار الوطني رقم 5 انهيارات مشابهة استدعت تدخلاً عاجلاً لردم الحفر وإعادة تأهيل المنطقة. يؤكد خبراء العمران أن هذه الظواهر ليست عشوائية، بل ترتبط بتراث بنائي قديم يعود إلى عصور مختلفة، مما يعكس تعقيد البنية التحتية في المدينة.

شبكة الحفريات التاريخية

تم بناء العاصمة الجزائر فوق هضبة تاريخية شملت فترات الفينيقيين والرومان، حيث اكتشفت أنفاق عميقة تصل إلى 30 متراً تحت ساحة الشهداء أثناء أعمال الحفر لمشروع المترو. كما أن الفترة الاستعمارية الفرنسية في عام 1830 ساهمت في تصميم شبكة مشابهة لتلك الموجودة في باريس، حيث ركزت على قنوات لتصريف المياه والأمطار، محاولة التكيف مع التضاريس الوعرة. وصلت هذه الأنفاق من أعالي بوزريعة إلى بلدية الأبيار ثم إلى البحر، مما شكل نظاماً معقداً يشبه متاهة. خلال العشرية السوداء بين 1990 و2000، استخدمت هذه الأنفاق كأماكن اختباء، مما دفع السلطات الأمنية إلى إغلاقها جزئياً. ومع ذلك، حتى الآن، لا تمتلك الجهات المسؤولة مخططات دقيقة لهذه الشبكة، مما يؤدي إلى مشكلات في إدارة مياه الأمطار، ويؤدي إلى تشكل فيضانات مؤذية. يؤكد الخبراء أن الانهيارات الحالية ناتجة عن تراكم الرواسب وقلة الصيانة لتلك القنوات، مما يجعلها عرضة للانهيار في أي وقت.

وفي السياق نفسه، يشير تقييم الوضع الحالي إلى ضرورة إجراء دراسات شاملة لرسم خرائط دقيقة لهذه الأنفاق، لتجنب تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل. على سبيل المثال، في حالات مماثلة، يمكن أن تؤدي هذه الحفر إلى مخاطر بيئية وصحية، مثل انتشار المياه الجوفية أو تفاقم مشكلات التصريف، مما يهدد البنى التحتية الحديثة. لذا، يعد فهم هذا التراث البنائي خطوة أساسية لتطوير المدينة بشكل مستدام، مع الاستفادة من الدروس التاريخية لتقليل المخاطر. في الختام، يبقى الأمر يتعلق بتوازن بين الحفاظ على الإرث التاريخي والبناء المعاصر، لضمان سلامة السكان وسير العمليات اليومية دون انقطاع.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *