قرارات إدارة ترامب في المئة يوم الأولى أثارت جدلاً دولياً واسعاً، حيث شهدت الولايات المتحدة سلسلة من الإجراءات الجريئة التي غيرت معالم الإدارة الحكومية. منذ تولي الرئيس دونالد ترامب السلطة، كان التركيز الرئيسي على تقليص حجم الدولة من خلال تفكيك بعض المؤسسات وإعادة هيكلتها، مما أدى إلى تغييرات جذرية في السياسات الداخلية والخارجية. هذه القرارات لم تقتصر على الإصلاحات الإدارية، بل امتدت إلى مجالات الاقتصاد، التعليم، والقضايا الاجتماعية، مما خلق صدمات قانونية ودبلوماسية على الساحة العالمية.
قرارات ترامب الإدارية والإصلاحية
في أقل من مئة يوم، سارعت إدارة ترامب إلى تنفيذ برنامج شامل لتقليص الدولة، حيث تم تصنيف حوالي 50,000 موظف فيدرالي إلى فئات جديدة تسهل فصلهم دون إجراءات بيروقراطية معقدة. نتيجة لذلك، تم تسريح أكثر من 275,000 موظف حكومي، وهو ما يُعد أكبر عملية تقليص إداري في تاريخ الولايات المتحدة الحديث. كما تم إنشاء وزارة كفاءة الحكومة بقيادة إيلون ماسك، بهدف تبسيط الجهاز الإداري وتقليل الإنفاق الفيدرالي بشكل كبير. على سبيل المثال، تم دمج أو إلغاء بعض الجهات الحكومية البارزة، مثل وزارة التعليم، التي خضعت لإصلاحات جذرية أدت إلى تعليق العديد من برامجها. كذلك، أصدر ترامب أوامر تنفيذية أغلقت فعلياً الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، حيث تم إلغاء 83% من برامجها ونقل الباقي إلى وزارة الخارجية، مما أسفر عن تسريح معظم موظفيها. هذا الإجراء أثار انتقادات شديدة من منظمات الإغاثة الدولية، التي وصفته بنكسة خطيرة للدبلوماسية الأمريكية.
إجراءات الرئيس في السياسات الاجتماعية والاقتصادية
بالإضافة إلى الإصلاحات الإدارية، امتدت قرارات ترامب إلى مجالات اجتماعية واقتصادية، حيث وقع على أوامر تنفيذية تلغي الاعتراف الفيدرالي بالأشخاص المتحولين جنسياً في الوثائق الرسمية، بالإضافة إلى منعهم من الخدمة العسكرية ووقف تمويل العمليات الطبية المرتبطة بهم. هذه الخطوات أدت إلى مواجهات مباشرة مع السلطة القضائية، حيث انتقد ترامب القضاة الذين أوقفوا بعض عمليات الترحيل، مؤكداً على سياساته المهاجرية الصارمة. من جانب اقتصادي، عاد ترامب إلى استخدام التعريفات الجمركية كأداة تفاوضية، فرض رسوماً تصل إلى 145% على البضائع الصينية، مما أثار حرب تجارية مع بكين، التي ردت بفرض ضرائب تصل إلى 125% على المنتجات الأمريكية. كما فرض ضريبة بنسبة 10% على السلع الواردة من معظم البلدان الأخرى، مع إعطاء مهلة 90 يوماً لدول أخرى لتجنب الرسوم المرتفعة. في سياق إعادة هيكلة الإنفاق، أمر بتجميد التمويل للوكالات العلمية الرئيسية مثل مؤسسة العلوم الوطنية والمعاهد الوطنية للصحة، مما أدى إلى تسريح آلاف العلماء والباحثين، وإيقاف مشاريع بحثية حيوية في مجالات الصحة، الذكاء الاصطناعي، والمناخ. كما اتخذ إجراءات ضد ما سماه “التحيز الأكاديمي”، حيث جمد التمويل الفيدرالي لجامعات كبرى مثل هارفارد وكولومبيا، مما أثار جدلاً حول تأثير هذه القرارات على البحث العلمي والتعليم في الولايات المتحدة. بشكل عام، تشكل هذه القرارات تحدياً كبيراً للتوازن الداخلي والخارجي، مع تأثيراتها الواسعة على الاقتصاد العالمي والعلاقات الدبلوماسية.