قام لهيلم العنزي بتحويل منزله في قرية الكتيب شرق محافظة تيماء إلى متحف يعكس تراث المنطقة، حيث جمع خلاله مئات القطع التراثية النادرة التي تعود بعضها إلى أكثر من قرنين من الزمان. هذا الجهد الشخصي يبرز التزام العنزي بحفظ الإرث الثقافي السعودي، مما جعله وجهة للزوار المهتمين بالتاريخ المحلي.
لهيلم العنزي: صانع المتحف التراثي
يعد لهيلم العنزي رمزاً لحب الماضي، حيث حوّل منزله إلى معلم ثقافي يضم تشكيلة واسعة من القطع التاريخية. منذ أكثر من ستين عاماً، بدأ العنزي في جمع هذه الأشياء، مما جعل منزله في قرية الكتيب متحفاً مفتوحاً يروي قصصاً عن حياة الأجداد. يحتوي المتحف على مجموعة متنوعة تشمل الخناجر القديمة التي كانت جزءاً من الدفاع الشخصي، والأسلحة التقليدية التي استخدمت في الصيد والحماية. بالإضافة إلى ذلك، يضم دلال القهوة القديمة، التي كانت رمزاً للكرم والضيافة في التقاليد البدوية، ومرابيط الخيل التي تعكس أهمية الخيول في التنقلات والحروب قديماً.
من بين القطع النادرة، يبرز دلو يُدعى الزبيرية، الذي كان يُستخدم لنقل المياه فوق الجمال في رحلات الصحراء الطويلة. يتحدث العنزي عن كيفية جمعه لهذه الأدوات من أسواق مختلفة ومناطق نائية، محافظاً على قيمتها التاريخية. كما يعرض بعض الأساور القديمة التي تشبه الآن البناجر الحديثة، معلناً أنها جزء من الزينة الشخصية والرموز الاجتماعية في المجتمعات القديمة. هذا الجهد لم يقتصر على الجمع فقط، بل شمل ترتيب هذه القطع بشكل فني لتعزيز التعليم والوعي بين الزوار.
كنوز التراث لدى العنزي
يحتوي متحف العنزي على كنوز تراثية تجمع بين الجمال والتاريخ، مما يعكس مرادفاً حقيقياً لجهوده في الحفاظ على الإرث. على سبيل المثال، تلك الأسلحة القديمة ليست مجرد أدوات، بل هي شهادات على طرق الحياة في الماضي، حيث كانت الخناجر مصنوعة يدوياً من مواد محلية مثل الحديد والعظم. كما أن دلال القهوة تمثل طقوس الاجتماعات الاجتماعية، حيث كان القهوة رمزاً للترحيب والصداقة في الثقافة السعودية. العنزي يروي قصصاً عن كيف اكتشف هذه القطع، مثل الزبيرية التي وجدها في أحد الأسواق التقليدية، مما يعطي للمتحف طابعاً شخصياً وتعليمياً.
بالإضافة إلى ذلك، يضم المتحف أساوراً قديمة مزينة بأنماط فنية تعبر عن الهوية الثقافية، مما يذكرنا بأهمية الحرف اليدوية في الحضارة العربية. هذه القطع ليست فقط للعرض، بل هي دعوة لاستكشاف كيف تطورت الحياة في المناطق الريفية، مثل قرية الكتيب التي تشتهر بتاريخها الزراعي والرعوي. العنزي يشجع الزوار على التفاعل مع هذه الكنوز، مشدداً على أن الحفاظ على التراث يساعد في بناء جيل يقدر ماضيه.
في الختام، يمثل متحف العنزي نموذجاً لكيف يمكن للفرد تحويل بيته إلى مصدر إلهام، حيث يجمع بين القطع النادرة مثل مرابيط الخيل والأساور بطريقة تجعل التاريخ حياً. هذا الجهد يعزز الوعي بالتراث السعودي، ويشجع على استمرارية هذه التقاليد في عصرنا الحديث. من خلال هذه المجموعة، يستمر العنزي في نقل رسالة عن أهمية الحفاظ على الإرث الثقافي للأجيال القادمة، مما يجعل من قرية الكتيب وجهة ثقافية فريدة. هذا المتحف ليس مجرد عرض للقطع القديمة، بل هو قصة حياة تعكس التفاني والحب للماضي، ويلهم الجميع لاستكشاف جذورهم الثقافية.