بتوجيهات كريمة من جلالة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -، انطلقت في مساء يوم الأحد بمدينة مكة المكرمة، قرب بيت الله الحرام، فعاليات المؤتمر الدولي بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية، الذي تُنظِّمه رابطة العالم الإسلامي بمشاركة واسعة من ممثلي التيارات والطوائف الإسلامية، وفى هذا المقال سوف نعرض لكم كافة التفاصيل وفقا لما تم الإعلان عنه
بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية
بدأ المؤتمر أعماله بترحيب سماحة مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء، رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، حيث أكد أن الدين الإسلامي هو دين الاجتماع والائتلاف، ودعا إلى وحدة الكلمة والصف، محذرًا من الفرقة والاختلاف. أشار إلى أن السنة النبوية تحث على توحيد كلمة المسلمين وتجميعهم، والابتعاد عن كل ما يثير البغضاء بينهم. وأضاف أنه عند التأكيد على هذا الأصل العظيم، يجب بذل كل الجهود لتوحيد المسلمين وتجنب كل ما يفرق بينهم. وقدم الشكر لخادم الحرمين الشريفين على رعايته الكريمة للمؤتمر وجهوده في توحيد كلمة المسلمين، وتقديم المساعدة في لم شملهم، بالدعم القوي والثابت من ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء.
خدمة الإسلام والمسلمين
تهانينا وامتناناً لرابطة العالم الإسلامي، وخاصةً لأمينها العام، على تنظيم هذا المؤتمر النبيل، وتقديراً للجهود المستمرة في خدمة الإسلام والمسلمين. خلال المؤتمر، ألقى معالي الأمين العام للرابطة، الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، كلمة تعلن عن قرار المؤتمر بإطلاق “وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية”، التي تهدف إلى تعزيز التعاون والتضامن بين المسلمين لمواجهة التحديات.
وفي كلمته، أعرب الدكتور العيسى عن سروره بإطلاق المؤتمر التاريخي الأول من نوعه، مؤكداً على أهمية هذه الخطوة في تعزيز قيم التسامح والتعايش بين المذاهب الإسلامية. كما أشار إلى أن العلماء المسلمين يمثلون القدوة الحسنة والمثل الشرعي، وأن التنوع المذهبي لا بد منه مع استيعاب الاختلافات والبحث عن الحق.
وأكد الدكتور العيسى على أن جميع أتباع الإسلام متحت راية واحدة، مهما اختلفت مذاهبهم، وأنه لا مكان للانقسامات التي تفرق بينهم، بل يجب التركيز على ما يجمعهم ويعزز وحدتهم تحت راية الإسلام الذي سماهم الله به.
جهود رابطة العالم الإسلامي
تنبيه إلى أن الشعارات الطائفية والحزبية تُعَد في طليعة مشكلات الأمة، حيث يتم استنهاض الصراعات الدينية بواسطتها، وينتقد التلاعب السلبي لوسائل الإعلام التقليدية والحديثة في تصاعد الاختلافات وتحريض العنف داخل العالم الإسلامي. بالمقابل، يدعو إلى إضفاء اللطف وروح الحوار التي تعزز التلاحم والتواصل، وفق قيم الأخوة الإسلامية.
في نهاية كلمته، يعبر السيد عن امتنانه وشكره للمجهود الكبير الذي تبذله القيادة الإسلامية للمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، متضرعاً لله بأن يحفظهما ويجازيهما على ما قدماه ويقدمانه للإسلام والمسلمين والإنسانية جمعاء، كما يعبر الدكتور العيسى عن شكره لخادم الحرمين الشريفين على رعايته الكريمة لهذا المؤتمر الهام، متضرعاً لله بأن يحقق به الطموح والآمال، ويجعله مباركاً من البداية إلى النهاية.
ثم بدأت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، حيث أكد عبدالله بن الشيخ المحفوظ بن بيّة، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي وعضو المجمع الفقهي الإسلامي، على أهمية الوحدة الإسلامية ومكانتها الرفيعة بالنسبة للمجتمعات الإسلامية، مشيراً إلى أن الوحدة تمثل مفهوماً عظيماً يغطي كافة العلاقات الفردية والجماعية والدولية، وأوضح أن الوحدة تقوم على أسس جامعة، مثل شهادة التوحيد التي تعد أعلى درجات الوحدة لتوحيد كافة الطوائف والمذاهب الإسلامية، وإقامة الشعائر الإسلامية التي تجمع المسلمين.
وبختام كلمته، أشاد بجهود رابطة العالم الإسلامي في تقريب المسافات بين المسلمين وتعزيز وحدتهم وتعايشهم، وشدد على أهمية النشاط المستمر للرابطة في خدمة الإسلام والمسلمين على مستوى العالم، من جانبه، أشاد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، بالدور الريادي للمملكة في دعم قضايا العالم الإسلامي، وأعرب عن ثقته بأن المؤتمر سيسهم في تعزيز التقارب بين المذاهب الإسلامية، وسيضع الأسس لهذا التقارب.
ثم جرى توقيع مذكرة تفاهم بين رابطة العالم الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي، وذلك لتعزيز التعاون في مجالات مختلفة تهدف إلى تعزيز الوحدة والتسامح بين المسلمين. كما تم توقيع مذكرة تفاهم بين المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي والمجمع الفقهي الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، بهدف تعزيز التعاون في البحوث العلمية ونشر ثقافة التسامح والاعتدال وتعزيز الوحدة الإسلامية، وستستمر أعمال المنتدى غداً من خلال العديد من الجلسات التي ستبحث في قضايا تتعلق بتعزيز التعاون بين المذاهب الإسلامية وترسيخ مبادئ التنوع وأدب الاختلاف.